كِتَابُ بِدَايَةِ الْمُبْتَدِي
مِنْ أَشْهَرِ كُتُبِ الْمُؤَلِّفِ، جَمَعَ فيه بَيْنَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللهُ وَمُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ، وَقَدْ شَرَحَهُ الْمُصَنِّفُ بِكِتَابِهِ: كِفَايَةِ الْمُنْتَهِي، وَهُوَ كِتَابٌ عَزِيزٌ يَقَعُ فِي ثَمَانِينَ مُجَلَّدًا كَمَا نَقَلَهُ اللَّكْنَوِيُّ عَنْ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، وَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلْمُؤَلِّفِ الْإِطْنَابُ فِيهِ، وَخَشِيَ أَنْ يُهْجَرَ لِطُولِهِ، اخْتَصَرَهُ بِكِتَابِ الْهِدَايَةِ شَرْحِ بِدَايَةِ الْمُبْتَدِي.
وَيُصَرِّحُ الْمَرْغِينَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْهِدَايَةِ بِالْخِلَافِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ: أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى الدَّلِيلِ إِلَّا نَادِرًا.
وَيَقُولُ أَكْمَلُ الدِّينِ الْبَابِرْتِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي فَاتِحَةِ شَرْحِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ: رُوِيَ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَقِيَ فِي تَصْنِيفِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَ صَائِمًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا يُفْطِرُ أَصْلًا، وَكَانَ يَجْتَهِدُ أَلَّا يَطَّلِعَ عَلَى صَوْمِهِ أَحَدٌ، فَإِذَا أَتَى خَادِمُهُ بِطَعَامٍ يَقُولُ: خَلِّهْ وَرُحْ، فَإِذَا رَاحَ كَانَ يُطْعِمُهُ أَحَدَ الطَّلَبَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، فَكَانَ كِتَابُهُ - بِبَرَكَةِ زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ - مُبَارَكًا مَقْبُولًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
وَكِتَابُ الْهِدَايَةِ أَصِيلٌ فِي فِقْهِ السَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُ جُلِّ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَتَوَافَرَتْ عَلَيْهِ جُهُودُ أَئِمَّةٍ كِبَارٍ: فُقَهَاءَ وَمُحَدِّثِينِ، فَمِنْهُمُ الشَّارِحُ لَهُ، وَمِنْهُمُ الْمُخْتَصِرُ، وَمِنْهُمُ الْمُخَرِّجُ لِأَحَادِيثِهِ. وَالْمُتَتَبِّعُ الْعَادُّ لِلْكُتُبِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْهِدَايَةِ يَرَى أَنَّها تَرْبُو عَلَى الْمِئَةِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ بَيْنَ كُتُبِ الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute