الْعدَد من برٍ وَمثله من زَيْت إِلَى ملك صور فليت شعري لأي شَيْء كَانَ يهاديه بذلك هَل ذَلِك إِلَّا لِأَنَّهُ كفؤه وَنَظِيره فِي الْملك وَهَذِه كَلِمَات كذبات ورعونة لَا خَفَاء بهَا وأخبار متناقضة
وَذكروا أَنه كَانَت تُوضَع فِي قصر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كل يَوْم مائَة مائدة ذهب على كل مائَة صفحة ذهب وثلاثمائة طبق ذهب على كل طبق ثَلَاثمِائَة كأس ذهب فاعجبوه لهَذِهِ الكذبات الْبَارِدَة
وَاعْلَمُوا أَن الَّذِي عَملهَا كَانَ ثقيل الذِّهْن فِي الْحساب مقصراً فِي علم المساحة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون قطر دَائِرَة الصفحة أقل من شبر وَإِن لم تكن كَذَلِك فَهِيَ صحيفَة لَا صَحْفَة طَعَام ملك فَوَجَبَ ضَرُورَة أَن تكون مساحة كل مائدة من تِلْكَ الموائد عشرَة أشبار فِي مثلهَا لَا أقل سوى حاشيتها وأرجلها
وَاعْلَمُوا أَن مائدة من ذهب هَذِه صفتهَا لَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يحركها إِلَّا فيل لِأَن الذَّهَب أرزن الْأَجْسَام وأثقلها وَلَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يكون فِي كل مائدة من تِلْكَ الموائد أقل من ثَلَاثَة آلَاف رَطْل ذهب فَمن يرفعها وَمن يَضَعهَا وَمن يغسلهَا وَمن يمسحها وَمن يديرها فَهَذَا الذَّهَب كُله وَهَذِه الأطباق من أَيْن
فَإِن قيل أَنْتُم تصدقُونَ بِأَن الله تَعَالَى أَتَاهُ ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَأَن الله سخر لَهُ الرّيح وَالْجِنّ وَالطير وَعلمه منطق الطير والنمل وَأَن الرّيح كَانَت تجْرِي بأَمْره وَأَن الْجِنّ كَانُوا يعْملُونَ لَهُ المحاريب والتماثيل والجفان والقدور
قُلْنَا نعم ونكفر من لم يُؤمن بذلك وَبَين الْأَمريْنِ فرق وَاضح وَهُوَ أَن الَّذِي ذكرت مِمَّا نصدق بِهِ نَحن هُوَ من المعجزات الَّتِي نأتي بِمِثْلِهَا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام دَاخل كُله تَحت الْمُمكن فِي بنية الْعَالم وَالَّذِي ذَكرُوهُ هُوَ خَارج عَن هَذَا الْبَاب دَاخل فِي حد الْكَذِب والامتناع فِي ينية الْعَالم
وَفِي بعض كتبهمْ المعظمة عِنْدهم إِن زارح ملك السودَان غزا بَيت الْمُقَدّس فِي ألف ألف مقَاتل وَأَن أسا بن ابْنا الْملك خرج إِلَيْهِ فِي ثَلَاثمِائَة ألف مقَاتل من بني يهوذا وَخمسين ألف مقَاتل من بني بنيامين فَهزمَ ملك السودَان
وَهَذَا كذب فَاحش مُمْتَنع لِأَن من أقرب مَوضِع من بلد السودَان وهم النّوبَة إِلَى مسْقط النّيل فِي الْبَحْر نَحْو مسيرَة ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمن مسْقط النّيل إِلَى بَيت الْمُقَدّس نَحْو عشرَة أَيَّام صحارى ومفاوز ألف ألف مقَاتل لَا تحملهم إِلَّا الْبِلَاد المعمورة الواسعة وَأما الصحارى الجرد فَلَا ثمَّ فِي مصر جَمِيع أَعمال مصر فَكيف يخطوها إِلَى بَيت الْمُقَدّس هَذَا مُمْتَنع فِي رُتْبَة الجيوش وسيرة الممالك وَمن الْبعيد أَن يكون عِنْد ملك السودَان حَيْثُ يَتَّسِع بلدهم وَيكثر عَددهمْ اسْم بَيت الْمُقَدّس فَكيف أَن يتكلفوا غزوها لبعد تِلْكَ الْبِلَاد عَن النّوبَة وَأما بلد النّوبَة والحبشة والبجاة فصغير الخطة قَلِيل الْعدَد وَإِنَّمَا هِيَ خرافات مكذوبة بَارِدَة وَفِي كتاب لَهُم يُسمى شعر توما من كتاب التلموذ والتلموذ هُوَ معولهم وعمدتهم فِي فقههم وَأَحْكَام دينهم وشريعتهم وهم من أَقْوَال أَحْبَارهم بِلَا خلاف من أحد مِنْهُم فَفِي الْكتاب الْمَذْكُور أَن تكسير جبهة خالقهم من أَعْلَاهَا إِلَى أَنفه خَمْسَة آلَاف ذِرَاع حاش لله من الصُّور والمساحات وَالْحُدُود والنهايات
وَفِي كتاب آخر من التلموذ يُقَال لَهُ سادرناشيم وَمَعْنَاهُ تَفْسِير أَحْكَام الْحيض أَن فِي رَأس خالقهم تاجا فِيهِ ألف قِنْطَار من