للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخسيسة الْيَهُود يطْلبُونَ الْآيَات واليونانيون يطْلبُونَ الْحِكْمَة وَنحن نشرع أَن الْمَسِيح صلب وَهَذَا القَوْل عِنْد الْيَهُود فتْنَة وَعند الْأَجْنَاس جهل وَنقص وَعند المختنين من الْيَهُود واليونانيين أَن الْمَسِيح علم الله وَقدرته لِأَن مَا كَانَ جهلا عِنْد الله هُوَ أحكم مَا يكون عِنْد النَّاس وَمَا هُوَ ضَعِيف عِنْد الله هُوَ أقوى مَا يكون عِنْد النَّاس

قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَهَل فِي بَيَان قحة هَذَا النذل وسخريته لمن اتبعهُ وَتَحْقِيق مَا تدعيه الْيَهُود من أَن أسلافهم دسوا هَذَا الرذل بولس لإضلال أَتبَاع الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام أَكثر من هَذَا القَوْل فِي إِبْطَاله الْآيَات وَالْحكم وَقَوله إِن أحكم مَا يكون عِنْد النَّاس هُوَ الْجَهْل عِنْد الله فمحصول هَذَا الْكَلَام اتْرُكُوا الْعقل وموجبه واطلبوا الْحمق وتدينوا بِهِ نَعُوذ بِاللَّه مِمَّا ابْتَلَاهُم بِهِ وَقَالَ بولس أَيْضا فِي بعض رسائله إِنَّه لَا تبقى دَعْوَة كَاذِبَة فِي الدّين أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة

قَالَ أَبُو مُحَمَّد هُوَ عِنْدهم لعنهم الله أصدق من مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام فَإِن كَانَ صَادِقا فَمَا يحْتَاج مَعَهم إِلَى برهَان فِي صِحَة دين الْإِسْلَام ونبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوى هَذَا فَإِن لهَذِهِ الدَّعْوَى أَرْبَعمِائَة عَام ونيفاً وَخمسين عَاما ظَاهِرَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فيلزمهم أَن يرجِعوا إِلَى الْحق أَو يكذبوا بولس بشيرهم وَقَالَ بعض من يعظمونه من أسلافهم وَهُوَ يوحنا فَم الذَّهَب بطريارك الْقُسْطَنْطِينِيَّة فِي كتاب لَهُ مَعْرُوف عِنْدهم أَن الشَّجَرَة الَّتِي أكل مِنْهَا آدم وبسببها أخرج من الْجنَّة كَانَت شَجَرَة تين وَأَن الله تَعَالَى أنزل تِلْكَ الشَّجَرَة بِعَينهَا إِلَى الأَرْض وَهِي الَّتِي دَعَا الْمَسِيح عَلَيْهَا فيبست إِذْ طلب فِيهَا تيناً يَأْكُلهُ فَلم يجده وَهِي نَفسهَا الْخَشَبَة الَّتِي صلب عَلَيْهَا قَالَ وبرهان ذَلِك أَنَّك لَا تَجِد غاراً إِلَّا وعَلى فَمه شَجَرَة تين نابتة فاعجبوا لهَذَا الْهزْل والعيارة والمجون والبرهان البديع وَاعْلَمُوا أَنهم بأجمعهم متفقون على أَن يصوروا فِي كنائسهم صُورَة يَقُولُونَ هِيَ صُورَة الْبَارِي عز وَجل وَعلا وَأُخْرَى صُورَة الْمَسِيح وَأُخْرَى صُورَة مَرْيَم وَصُورَة باطرة وَصُورَة بولس والصليب وَصُورَة جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وَصُورَة إسْرَافيل ثمَّ يَسْجُدُونَ للصورة سُجُود عبَادَة وَيَصُومُونَ لَهَا تديناً وَهَذَا هُوَ عبَادَة الْأَوْثَان بِلَا شكّ والشرك الْمَحْض وهم يُنكرُونَ عبَادَة الْأَوْثَان ثمَّ يعبدونها عَلَانيَة وحجتهم فِي هَذَا حجَّة عبَادَة نفسا وَهِي أَنهم يَتَقَرَّبُون بذلك إِلَى أَصْحَاب تِلْكَ الصُّور لَا إِلَى الصُّور بِأَعْيَانِهَا وَاعْلَمُوا أَنهم لم يزَالُوا بعد الْمَسِيح بأزيد من مائَة عَام يَصُومُونَ فِي شهر كانون الآخر إِثْر عيد الحجيج أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَّصِلَة ثمَّ يفطرون ثمَّ يعيدون الفصح مَعَ الْيَهُود اقْتِدَاء بالمسيح إِلَى أَن أبطل ذَلِك عَلَيْهِم خَمْسَة من البطاركة أَجمعُوا على ذَلِك ونقلوا صِيَامهمْ وفصحهم إِلَى مَا هم عَلَيْهِ الْيَوْم فَكيف ترَوْنَ هَذَا الدّين وَلعب أَهله بِهِ وحكمهم بِأَن مَا مضى عَلَيْهِ الْمَسِيح والحواريون ضلال وَكفر وَلَا يَخْتَلِفُونَ أصلا فِي أَن شرائعهم كلهَا إِنَّمَا هِيَ من عمل أساقفتهم وملوكهم عَلَانيَة فَهَل تطيب نفس من بِهِ مسكة عقل

<<  <  ج: ص:  >  >>