للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أَن يبْقى سَاعَة على دين هَذِه صفته فَكيف أَن يلقى الله تَعَالَى على دين يقر بِلِسَانِهِ وَيعلم بِقَلْبِه أَنه لَيْسَ من عِنْد الله تَعَالَى وَلَا مِمَّا أَتَى بِهِ نَبِي ونعوذ بِاللَّه من الخذلان وَمن عَظِيم هوسهم وَقَوْلهمْ كلهم أَن الْمَسِيح أَتَى ليَأْخُذ بجراحته آلامنا وبكلومه ذنوبنا وَهَذَا كَلَام فِي غَايَة السخف لَيْت شعري أَي ألم أَخذ بجراحته أم كَيفَ تُؤْخَذ ذنُوب النَّاس بكلوم الْمَسِيح مَا نراهم إِلَّا يألمون ويذنبون كَمَا يألم غَيرهم وَلَا فرق وَمن فضائحهم دَعوَاهُم أَن هلاني وَالِدَة قسطنطين أول من تنصر من مُلُوك الرّوم وَذَلِكَ بعد أَزِيد من ثلاثماية عَام من رفع الْمَسِيح وجدت الْخَشَبَة الَّتِي صلب فِيهَا الْمَسِيح والشوك الَّذِي جعل على رَأسه وَالدَّم الَّذِي طَار من جنبه والمسامير الَّتِي ضربت فِي يَده فليت شعري أَيْن وجدوا هَذَا السخام كُله وَأهل ذَلِك الدّين كُله مطرودون مقتولون حَيْثُ وجدوا وَالْمَدينَة خَالِيَة أَزِيد من مِائَتي عَام لَا أنيس بهَا ثمَّ من لَهُم بِأَنَّهَا تِلْكَ وَأَيْنَ يبْقى أثر الدَّم ومسامير وَشَوْك وخشبة تِلْكَ الْمدَّة الْعَظِيمَة فِي الْبِلَاد الخالية المقفرة وَلَا شكّ فِي أَنه إِذْ صلب كَمَا يَقُولُونَ كَانَ أَصْحَابه مختفين وأعداؤه لَا يلتفتون إِلَى أمره أَيكُون فِي السخف أعظم من هَذَا وَمَا عُقُولهمْ إِلَّا كعقول من يصدق بالعنقاء وَبِكُل مَا لَا يُمكن وَاعْلَمُوا أَن كل مَا يَدعُونَهُ لباطرة ويوحنا ومرقش وبولس من المعجزات فَإِنَّهَا أكذوبات مَوْضُوعَة لِأَن هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة لم يَكُونُوا من رفع الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام ومذ تنصر بولس إِلَّا مطلوبين مشردين مضروبين كالزنادقة مستترين وَقد ذكر بولس عَن نَفسه أَن الْيَهُود ضربوه خمس مَرَّات بالقضبان كل مرّة تسعا وَثَلَاثِينَ جلدَة وَأَنه رجم بِالْحِجَارَةِ فِي جمع عَظِيم وتدلى من سُورَة دمشق فِي قفة خوف الْقَتْل وَمَعَ ذَلِك تظاهروا بدين الْيَهُود إِلَى أَن صلبوا وَقتلُوا إِلَى لعنة الله وَلَا يجوز أَن تصح معْجزَة إِلَّا بِنَقْل كَافَّة عَن مثلهَا مِمَّن شَاهد ذَلِك ظَاهرا وَلَكِن دَعْوَى النَّصَارَى ذَلِك لمن ذكرنَا ولغيرهم من أسلافهم معْجزَة كدعوى المانية لماني بِسَوَاء فَإِنَّهُ لم يزل مسترا إِلَّا شهوراً يسيرَة إِذْ اختدعه بهْرَام بن بهْرَام الْملك حَتَّى ظفر بِهِ وبأصحابه فَقَتلهُمْ كلهم وكدعوى الْيَهُود لأحبارهم السالفين ولرؤس السبت المعجزات بالصناعات وكدعوى أَصْحَاب الحلاج للحلاج وكدعوى طوائف من الْمُسلمين مثل ذَلِك من المعجزات لشيبان الرَّاعِي ولإبراهيم بن أدهم وَلأبي مُسلم الْخَولَانِيّ ولعَبْد الله ابْن الْمُبَارك رَحْمَة الله عَلَيْهِم وعَلى غَيرهم من الصَّالِحين وكل ذَلِك كذب وتوليد من لَا خير فِيهِ وإحالة على أَشْيَاء مغيبة لَا يعجز عَن ادِّعَاء مثلهَا أحد وكل طَائِفَة مِمَّن ذكرنَا تعَارض دَعْوَاهَا بِدَعْوَى سَائِر الطوائف وَلَا سيبل إِلَى الْفرق بَين شَيْء من هَذِه الدعاوي وَقد قُلْنَا لَا يُمكن الْبَتَّةَ وجود معْجزَة إِلَّا لنَبِيّ فَقَط ثمَّ لَا تصح إِلَّا بِنَقْل يقطع الْعذر وَيُوجب الْعلم للْكَافِرِ وَالْمُؤمن إِلَّا من كَابر حسه وغالط نَفسه وَقَالَ هَذَا سحر فَقَط وَكَذَلِكَ مَا اغْترَّ بِهِ كثير من جهالهم مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>