قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأما إِطْلَاق لفظ الصِّفَات لله تَعَالَى عز وَجل فمحال لَا يجوز لِأَن الله تَعَالَى لم ينص قطّ فِي كَلَامه الْمنزل على لَفْظَة الصِّفَات وَلَا على لفظ الصّفة وَلَا حفظ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن لله تَعَالَى صفة أَو صِفَات نعم وَلَا جَاءَ قطّ ذَلِك عَن أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَلَا عَن أحد من خِيَار التَّابِعين وَلَا عَن أحد من خِيَار تَابِعِيّ التَّابِعين وَمن كَانَ هَكَذَا فَلَا يحل لأحد أَن ينْطق بِهِ وَلَو قُلْنَا أَن الْإِجْمَاع قد تَيَقّن على ترك هَذِه اللَّفْظَة لصدقنا فَلَا يجوز القَوْل بِلَفْظ الصِّفَات وَلَا اعْتِقَاده بل هِيَ بِدعَة مُنكرَة فال الله تَعَالَى أَن هِيَ الْأَسْمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَلَقَد جَاءَهُم من رَبهم الْهدى
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَإِنَّمَا اخترع لفظ الصِّفَات الْمُعْتَزلَة وَهِشَام ونظراؤه من رُؤَسَاء الرافضة وسلك سبيلهم قوم من أَصْحَاب الْكَلَام سلكوا غير مَسْلَك السّلف الصَّالح لَيْسَ فيهم أُسْوَة وَلَا قدرَة وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فقد ظلم نَفسه وَرُبمَا أطلق هَذِه اللَّفْظَة من متأخري الْأَئِمَّة من القهاء من لم يُحَقّق النّظر فِيهَا فَهِيَ وهلة من فَاضل وذلة عَالم وَإِنَّمَا الْحق فِي الدّين مَا جَاءَ عَن الله تَعَالَى نصا أَو عَن رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك أَو صَحَّ إِجْمَاع الْأمة كلهَا عَلَيْهِ وَمَا عدا هَذَا فضلال وكل محدثة بِدعَة فَإِن اعْترضُوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي روينَاهُ من طَرِيق عبد الله بن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن أبي الرَّجَاء مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي الرجل الَّذِي كَانَ يقْرَأ قل هُوَ الله أحد فِي كل رَكْعَة مَعَ سُورَة أُخْرَى وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن يسْأَل عَن ذَلِك فَقَالَ هِيَ صفة الرَّحْمَن فَأَنا أحبها فَأخْبرهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَن الله يُحِبهُ فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن هَذِه اللَّفْظَة انْفَرد بهَا سعيد بن أبي هِلَال وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ قد ذكره بالتخطيط يحيى وَأحمد بن حَنْبَل وَأَيْضًا فَإِن احتجاج خصومنا بِهَذَا لَا يصوغ على أصولهم لِأَنَّهُ خبر وَاحِد لَا يُوجب عِنْدهم الْعلم وَأَيْضًا فَلَو صَحَّ لما كَانَ مُخَالفا لقولنا لأننا إِنَّمَا أَنْكَرْنَا قَول من قَالَ إِن أَسمَاء الله تَعَالَى مُشْتَقَّة من صِفَات ذَاته فَأطلق لذَلِك على الْعلم وَالْقُدْرَة وَالْقُوَّة وَالْكَلَام أَنَّهَا صِفَات وعَلى من أطلق إِرَادَة وسمعاً وبصراً وحياة وَأطلق أَنَّهَا صِفَات فَهَذَا الَّذِي أنكرناه غَايَة الْإِنْكَار وَلَيْسَ فِي الحَدِيث الْمَذْكُور وَلَا فِي غَيره شَيْء من هَذَا أصلا وَإِنَّمَا فِيهِ أَن قل هُوَ الله أحد خَاصَّة صفة الرَّحْمَن وَلم ننكر هَذَا نَحن بل هُوَ خلاف لقَولهم وَحجَّة عَلَيْهِم لأَنهم لَا يخصون قل هُوَ الله أحد بذلك دون سَائِر الْقُرْآن وَدون الْكَلَام وَالْعلم وَغير ذَلِك وَفِي هَذَا الْخَبَر تَخْصِيص لقَوْله قل هُوَ الله أحد وَحدهَا بذلك وَقل هُوَ الله أحد خبر عَن الله تَعَالَى بِمَا هُوَ الْحق فَنحْن نقُول فِيهَا هِيَ صفة الرَّحْمَن لِمَعْنى أَنَّهَا خبر عَنهُ تَعَالَى حق فَظهر أَن هَذَا الْخَبَر حجَّة عَلَيْهِم لنا وَأَيْضًا فَمن أعجب الْبَاطِل أَن يحْتَج بِهَذَا الْخَبَر فِيمَا لَيْسَ