للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واللطف من لطيف وَالسعَة من وَاسع وَالشُّكْر من شَاكر وَالْمجد من مجيد والود من ودود وَالْقِيَام من قيوم وَهَذَا كثير جدا ويتجاوز أَضْعَاف الْأَعْدَاد الَّتِي اقتصروا عَلَيْهَا بتحكيمهم بالضلال والإلحاد فِي أَسْمَائِهِ عز وَجل وَقد زَاد بَعضهم فِيمَا ادعوهُ من صِفَات الذَّات الأستوى والتكليم والقدم والبقاء وَرَأَيْت للأشعري فِي كِتَابه الْمَعْرُوف بالموجز أَن الله تَعَالَى إِذْ قَالَ إِنَّك بأعيننا إِنَّمَا أَرَادَ عينين وَبِالْجُمْلَةِ فَكل من لم يخف الله عز وَجل فِيمَا يَقُول وَلم يستحي من الْبَاطِل لم يبال بِمَا يَقُول وَقد قُلْنَا أَنه لم يَأْتِ نَص بِلَفْظ الصّفة قطّ بِوَجْه من الْوُجُوه لَكِن الله تَعَالَى أخبرنَا بِأَن لَهُ علما وَقُوَّة وكلاماً وقدرة فَقُلْنَا هَذَا كُله حق لَا يرجع مِنْهُ شَيْء إِلَى غير الله تَعَالَى أصلا وَبِه تَعَالَى نتأيد

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال لمن قَالَ إِنَّمَا سمي الله تَعَالَى عليماً لِأَنَّهُ لَهُ علما وحكيماً لِأَن لَهُ حِكْمَة وَهَكَذَا فِي سَائِر أَسْمَائِهِ وَادّعى أَن الضَّرُورَة توجب أَنه لَا يُسمى عَالما إِلَّا من لَهُ علم وَهَكَذَا فِي سَائِر الصِّفَات إِذا قسم الْغَائِب بزعمكم تُرِيدُونَ الله عز وَجل على الْحَاضِر مِنْكُم فبالضرورة نَدْرِي أَنه لَا علم عندنَا إِلَّا مَا كَانَ فِي ضمير ذِي خواطر وفكر تعرف بِهِ الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ فَإِن وصفتم ربكُم تَعَالَى بذلك الْحَد تمّ وَلَا خلاف فِي هَذَا من أحد وتركتم أقوالكم وَإِن منعتم من ذَلِك تركْتُم أصلكم فِي اشتقاق أَسْمَائِهِ تَعَالَى من صِفَات فِيهِ وَأَيْضًا فَإِن عليماً وحكيماً ورحيماً وقديراً وَسَائِر مَا جرى هَذَا المجرى لَا يُسمى فِي اللُّغَة إِلَّا نعوتاً وأوصافاً وَلَا تسمى أَسمَاء الْبَتَّةَ وَأما إِذا سمي الْإِنْسَان حَلِيمًا أَو حكيماً أَو رحِيما أَو حَيا وَكَانَ ذَلِك اسْما لَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ أَسمَاء أَعْلَام غير مُشْتَقَّة بِلَا خلاف من أحد وكل هَذِه فَإِنَّمَا هِيَ لله عز وَجل أَسمَاء بِنَصّ الْقُرْآن وَنَصّ السّنة وَالْإِجْمَاع من جَمِيع أهل الْإِسْلَام قَالَ الله تَعَالَى وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى فَادعوهُ بهَا وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ سيجزون مَا كَانُوا يعْملُونَ وَقَالَ {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن أياً مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} وَقَالَ تَعَالَى {هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ هُوَ الله الْخَالِق البارئ المصور لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة إِنَّه وتر يحب الْوتر وَلم يخْتَلف أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَنَّهَا أَسمَاء لله تَعَالَى وَلَا فِي أَنَّهَا لَا يُقَال أَنَّهَا نعوت لَهُ عز وَجل وَلَا أَوْصَاف الله وَلَو وجد فِي الْمُتَأَخِّرين من يَقُول ذَلِك لَكَانَ قولا بَاطِلا وَمُخَالفَة لقَوْل الله تَعَالَى وَلَا حجَّة لأحد فِي الدّين دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا لَا شكّ فِيمَا قُلْنَا فَلَيْسَتْ مُشْتَقَّة من صفة أصلا وَيُقَال لَهُم إِذا قُلْتُمْ إِنَّهَا مُشْتَقَّة فَقولُوا لنا من اشتقها فَإِن قَالُوا أَن الله تَعَالَى اشتقها لنَفسِهِ قُلْنَا لَهُم هَذَا هُوَ القَوْل على الله تَعَالَى بِالْكَذِبِ الَّذِي لم يخبر بِهِ عَن نَفسه وقفوتم فِي ذَلِك مَا لم يأتكم بِهِ علم وَإِن قَالُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشتقها قُلْنَا كَذبْتُمْ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>