للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِكِتَاب الله عز وَجل وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَاسْتعْمل رَأْيه وَقِيَاسه فِي دينه وَفِيمَا يجريه على الله تَعَالَى نَعُوذ بِاللَّه من الضلال والخذلان وَبِهَذَا يبطل إِلْزَام من أَرَادَ من الْمُعْتَزلَة إلزامنا أَن نسمي الله تَعَالَى مسياه لخلقه السَّيِّئَات وشرير الشرور لخلقه

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد شغب بَعضهم فِيمَا ادعوهُ من أَن كل صفة أضافوها إِلَى الله تَعَالَى فَهُوَ غير سَائِر صِفَاته بِأَن الله تَعَالَى مَوْصُوف بِأَنَّهُ يعلم نَفسه وَلَا يُوصف بِالْقُدْرَةِ على نَفسه قَالُوا فَلَو كَانَ الْعلم وَالْقُدْرَة وَاحِدًا لجريا فِي الأطلاق وَاحِدًا

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد بَينا بطلَان هَذَا فِي كلامنا قبل بعون الله عز وَجل ونزيد بعون الله عز وَجل بَيَانا فَنَقُول وَبِه نتأيد التغاير إِنَّمَا يَقع فِي المعلومات والمقدورات لَا فِي الْقَادِر وَلَا فِي الْعَالم وَلَا شكّ عندنَا وَعِنْدهم فِي أَن الْعلم والقدير وَاحِد وَهُوَ تَعَالَى عليم بِنَفسِهِ وَلَا يُقَال عِنْدهم قدير على نَفسه فَإِذا لم يُوجب هَذَا الحكم أَن يكون الْقَدِير غير الْعَلِيم فَهُوَ غير مُوجب أَن يكون الْعلم غير الْقُدْرَة بِلَا شكّ ثمَّ نقُول لَهُم أخبرونا عَن علم الله تَعَالَى بحياة زيد قبل مَوته وبإيمانه قبل كفره هَل هُوَ الْعلم بِكُفْرِهِ وَمَوته أَو هُوَ غير الْعلم بذلك فَإِن قَالُوا إِن الْعلم بِمَوْت زيد هُوَ غير الْعلم بحياته وَعلمه بإيمانه هُوَ غير علمه بِكُفْرِهِ لَزِمَهُم تغاير الْعلم وَالْقَوْل بحدوثه وهم لَا يَقُولُونَ هَذَا وَإِن قَالُوا علمه تَعَالَى بِإِيمَان زيد هُوَ علمه بِكُفْرِهِ وَعلمه بحياة زيد هُوَ علمه بِمَوْتِهِ قيل فَإِذا تغاير الْمَعْلُوم تَحت الْعلم لَا يُوجب تغاير الْعلم فِي ذَاته عنْدكُمْ فَمن أَيْن أوحيتم أَن تغاير الْمَعْلُوم والمقدور مُوجب لتغاير الْعلم وَالْقُدْرَة والحقيقة من كل ذَلِك أَنه لَا حَقِيقَة أصلا إِلَّا الْخَالِق تَعَالَى وخلقه وَأَن كل مَا لم ينص الله تَعَالَى عَلَيْهِ من وَصفه لنَفسِهِ وَمن أَسْمَائِهِ فَلَا يحل لأحد أَن يخبر عَنهُ تَعَالَى وَإِن كل مَا نَص الله عز وَجل عَلَيْهِ من أَسْمَائِهِ وَمَا أخبر بِهِ تَعَالَى عَن نَفسه فَهُوَ حق ندين الله تَعَالَى بِالْإِقْرَارِ بِهِ ونعلم أَن المُرَاد بِكُل ذَلِك هُوَ الله لَا شريك لَهُ وَأَنَّهَا كلهَا أَسمَاء يعبر بهَا عَنهُ تَعَالَى وَلَا يرجع مِنْهَا شئ إِلَى غير الله تَعَالَى الْبَتَّةَ تَعَالَى الله أَن يكون مَعَه شئ آخر غَيره وَأقر بَعضهم بحضرتي أَن مَعَ الله تَعَالَى سَبْعَة عشر شَيْئا مُتَغَايِرَة كلهَا قديم لم تزل وَكلهَا غير الله تَعَالَى وَرَأَيْت فِي كتاب لبَعْضهِم أَنَّهَا خَمْسَة عشر تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَذكروا أَن تِلْكَ الْأَشْيَاء هِيَ السّمع وَالْبَصَر وَالْعين وَالْيَد وَالْوَجْه وَالْكَلَام وَالْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة والعزة وَالرَّحْمَة وَالْأَمر وَالْعدْل والحياة والصدق

قَالَ أَبُو مُحَمَّد لقد قصروا من طَرِيق النَّص وَمن طَرِيق الْعقل أَيْضا عَن أصولهم فَأَيْنَ هم عَن النَّفس والجلال وَالْإِكْرَام والجبروت والكبرياء وَالْيَدَيْنِ والأعين وَالْأَيْدِي والقدم وَالْحَمْد وَالْقُوَّة فَهَذِهِ كلهَا مَنْصُوص عَلَيْهَا كَالْعلمِ والقدوة وَأَيْنَ هم عَن الْحلم من حَلِيم وَالْكَرم من كريم وَالْعَظَمَة من عَظِيم وَالتَّوْبَة من تواب وَالْهِبَة من وهاب والقرب من قريب

<<  <  ج: ص:  >  >>