للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكفار الْقَائِلين أَن عِلّة خلق الله تَعَالَى لما خلق إِنَّمَا هِيَ جودة حَتَّى أوقعهم ذَلِك فِي القَوْل بِأَن الْعَالم لم يزل وَلَكِن الْمُعْتَزلَة معذورون بِالْجَهْلِ عزرا يبعدهم عَن الْكفْر وَلَا يخرجهم عَن الْإِيمَان لَا عرزا يسْقط عَنْهُم الْمَلَامَة لِأَن التَّعَلُّم لَهُم معروض مُمكن وَلَكِن لَا هادي لمن أضلّ الله تَعَالَى ونعوذ الله من الخذلان

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْمَانِع من ذَلِك وَجْهَان أَحدهمَا أَنه تَعَالَى لم يسم بذلك وَلَا رصف بِهِ نَفسه وَلَا يحل لأحد أَن يتَعَدَّى حُدُود الله لَا سِيمَا فِيمَا لَا دَلِيل فِيهِ إِلَّا النَّص فَقَط وَالْوَجْه الثَّانِي أَن الْجُود والسخاء فِي لُغَة الْعَرَب الَّتِي بهَا خاطبنا الله تَعَالَى وَبهَا نتفاهم مرادنا إِنَّمَا هما لفظان واقعان على بذل الْفضل عَن الْحَاجة لَا يعبر بِلَفْظ الْجُود والسخاء إِلَّا عَن هَذَا الْمَعْنى وَهَذَا الْمَعْنى مبعد عَن الله عز وَجل لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء فَيكون لَهُ فضل يبذله فيسمى ببذله لَهُ سخيا وجودا ويوصف من أجل بذله بجود وسخاءٍ أَو يكون بِمَنْعه بَخِيلًا أَو شحيحاً أَو مَوْصُوفا ببخل أَو شح

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَا يخْتَلف اثْنَان من كل من فِي الْعَالم فِي أَن أمره لَهُ مَاء عذب حَاضر لَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَطَعَام عَظِيم فَاضل لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ وَرَأى رجلا من عرض النَّاس أَو عبدا من عبيده يَمُوت جوعا وعطشاً فَلم يسقه وَلَا أطْعمهُ فَإِنَّهُ فِي غَايَة الْبُخْل وَالشح وَالْقَسْوَة وَالظُّلم وَالله تَعَالَى يرى كثيرا من عباده وَأَطْفَالًا من أطفالهم لَا ذَنْب لَهُم وهم يموتون جوعا وعطشاً وَعِنْده مخادع السَّمَاوَات وخزائن الأَرْض وَلَا يرحمهم بِنُقْطَة مَاء وَلَا لقْمَة طَعَام حَتَّى يموتوا كَذَلِك وَلَا يُوصف من أجل ذَلِك بشح وَلَا بخل وَلَا ظلم وَلَا قسوة بل هُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ والرحيم الْكَرِيم وَالَّذِي لَا يظلم وَلَا يجور كَمَا سمى نَفسه فَبَطل قياسهم الْفَاسِد فِي الصِّفَات الْغَائِب عِنْدهم على الشَّاهِد وَبَطل أَن يُوصف الله عز وَجل بشيءٍ من ذَلِك وَلَيْسَ لأحد أَن يحِيل الْأَسْمَاء اللُّغَوِيَّة عَن موضعهَا فِي اللُّغَة إِلَّا أَن يَأْتِي نَص بإحالة شيءٍ من ذَلِك فَيُوقف عِنْده وَمن تعدى هَذَا الحكم فَإِنَّهُ مُبْطل للتفاهم كُله نعم وللحقائق بأسرها إِلَّا أَنه لَا يعجز أحد عَن أَن يُسَمِّي الْبَاطِل حَقًا وَالْحق بَاطِلا وَأَن يحِيل الْأَسْمَاء كلهَا عَن موَاضعهَا وَهَذَا خُرُوج عَن الشَّرَائِع والمعقول ولكننا نقُول أَنه كريم كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَا يبعد عَنَّا أَن تسمى نعم الله على عباده كرماً وَأَن الله تَعَالَى كَرِيمًا نستحسن إِطْلَاق ذَلِك ونسميها أَيْضا فضلا

قَالَ الله تَعَالَى {ذَلِك فضل الله} وَقد ثَبت النَّص بِأَن لَهُ تَعَالَى كرماً وَحدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن خَالِد أَنا إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَنبأَنَا الْفربرِي أَنا البُخَارِيّ قَالَ لي خَليفَة بن خياط أَنا يزِيد بن زُرَيْع أَنا سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك وَعَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان سَمِعت أبي يحدث عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يزَال يلقى فِيهَا وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يضع فِيهَا رب الْعَالمين قدمه فيزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قد قد بعزتك وكرمك

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد اضْطربَ النَّاس فِي السؤل عَن أَشْيَاء ذكروها وسألوا هَل يقدر الله تَعَالَى عَلَيْهَا أم لَا واضطربوا أَيْضا فِي الْجَواب عَن ذَلِك

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَنحن مينوم بحول الله وقوته وَجه تَحْقِيق السُّؤَال عَن ذَلِك وَتَحْقِيق الْجَواب فِيهِ دون تَخْلِيط وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَن السُّؤَال إِذا حقق

<<  <  ج: ص:  >  >>