وَأَن الْحمير لَا تحمل جمالاً وَأَن البغال لَا تَتَكَلَّم فِي النَّحْو وَالشعر والفلسفة وَسَائِر مَا اسْتَقر فِي النُّفُوس علمه ضَرُورَة وَإِلَّا فليخبرونا مَا الَّذِي أَمنهم مَا ذكرنَا وَلَعَلَّه قد كَانَ أَو سَيكون وَلَا فرق فَإذْ قد صَحَّ إطباق كل من يقر بِاللَّه من جَمِيع الْملَل أَن هَذَا الْعَالم لَيْسَ فِي بنيته كَون الْمحَال الْمَذْكُور فِيهِ مَعَ مُوَافَقَته أَكثر الْمُخَالفين لنا على أَن هَذَا كُله فَإِن الله تَعَالَى قَادر عَلَيْهِ وَلَكِن لَا يَفْعَله فَالَّذِي أَمنهم من أَنه تَعَالَى يَفْعَله هُوَ الَّذِي أمننا من أَن نَفْعل مَا قَالُوا لنا فِيهِ لَعَلَّه قد فعله أَو سيفعله وَلَا فرق وَإِن هَذَا الْعَالم لَيْسَ فِي بنيته كَون الْمحَال الْمَذْكُور فِيهِ وَأَنه تَعَالَى لَا يجور وَلَا يكذب وبالضرورة الْمُوجبَة علمنَا القَوْل بحدوث الْعَالم وَبِأَن لَهُ صانعاً لَا يُشبههُ لم يزل وَبَان مَا ظهر من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَمن عِنْده تَعَالَى وَأَن تِلْكَ المعجزات مُوجبَة تصديقهم وهم أخبرونا أَن الله تَعَالَى لَا يكذب وَلَا يظلم وَأَنه تَعَالَى قد أخبرنَا بِأَنَّهُ قد تمت كَلِمَاته صدقا وعدلاً لَا مبدل لكلماته وَأَنه تَعَالَى قَادر وَلَيْسَ كل مَا يقدر عَلَيْهِ يَفْعَله فَإِن كَانَ السَّائِل من هَذَا متديناً بدين الْإِسْلَام أَو النَّصَارَى أَو الْيَهُود أَو الْمَجُوس أَو الصابئين أَو البراهمة أَو كل من يدين بِأَن الله حق فَإِنَّهُم مجمعون على أَنه تَعَالَى لَا يكذب وَلَا يظلم وكل من نفى الْخَالِق فَلَيْسَ فيهم أحد يَقُول أَنه يظلم أَو يكذب فقد صَحَّ إطباق جَمِيع سكان الأَرْض قَدِيما وحديثاً لَا نحاشي أحدا على أَن الله تَعَالَى لَا يظلم وَلَا يكذب فَلَو لم يَكُونُوا مضطرين إِلَى القَوْل بِهَذَا لوجد فيهم وَلَو وَاحِد يَقُول بِخِلَاف ذَلِك وَمن الْمحَال أَن تَجْتَمِع طبائعهم كلهم على هَذَا إِلَّا لضَرُورَة وَضعهَا الله عز وَجل فِي نُفُوسهم كضرورتهم إِلَى معرفَة مَا أدركوه بحواسهم وبداية عُقُولهمْ وَأَيْضًا فَنَقُول لمن سَأَلَ هَذَا السُّؤَال أيمكن أَن يكون إِنْسَان فِي النَّاس قد توسوس وأوهمته ظنونه الكاذبة وتخيله الْفَاسِد وهوسه أَن الْأَشْيَاء على خلاف مَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِن النَّاس على خلاف مَا هم عَلَيْهِ وَيتَصَوَّر عِنْده هَذَا الظَّن الْفَاسِد أَنه حق لَا يشك فِيهِ أم لَيْسَ يُمكن أَن يكون هَذَا فِي الْعَالم فَإِن قَالُوا لَا يُمكن أَن يكون هَذَا الْعَالم أَتَوا بالمحال البحت وكابروا وَإِن قَالُوا بل هُوَ مُمكن مَوْجُود فِي النَّاس كثير من هَذِه صفته قيل لَهُم فَمَا يؤمنكم من أَن تَكُونُوا بِهَذِهِ الصّفة ونقول لمن يُؤمن بِاللَّه الْعَظِيم مِنْهُم أيقدر الله تَعَالَى على أَن يحِيل حواسك كَمَا فعل بِصَاحِب الصَّفْرَاء الَّذِي يجد الْعَسَل مرا كالعلقم وبصاحب ابْتِدَاء المَاء النَّازِل فِي عَيْنَيْهِ فَيرى خيالات لَا حَقِيقَة لما وَكَمن فِي سَمعه آفَة فَهُوَ يسمع طنيناً لَا حَقِيقَة لَهُ أم لَا يقدر فَإِن قَالُوا يقدر لَهُ فَمَا يُؤمنك من أَنَّك بِهَذِهِ الصّفة فَإِن قَالَ أَن كل من يحضرني يُخْبِرنِي بِأَن لست من أهل هَذِه الصّفة قيل لَهُ وَهَكَذَا يظنّ ذَلِك الموسوس وَلَا فرق فَإِنَّهُ لَا بُد أَن يَقُول إِنِّي أرى أَنِّي بِخِلَاف هَذِه الصّفة ضَرُورَة علما يَقِينا قُلْنَا لَهُ بِمثل هَذَا سَوَاء بِسَوَاء أمنا أَن يكون الله يظلم أَو يكذب أَو يحِيل طبيعة لغير نَبِي يفعل الْمحَال مَعَ قدرته على ذَلِك وَلَا فرق
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَيُقَال لجَمِيع هَذِه الْفرق حاشا من قَالَ بقول عَليّ الأسواري هَل شنعتم عَليّ الأسواري لِأَنَّهُ إِذا وصف الله تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يقدر على غير مَا فعل فقد وَصفه تَعَالَى بِالْعَجزِ وَلَا بُد فَلَا بُد من نعم فَيُقَال لَهُم فَإِن هَذَا نَفسه لَازم لكم فِي قَوْلكُم بِأَنَّهُ لَا يقدر على الظُّلم وَالْكذب وَلَا على الْمحَال وَلَا على نَفسه أَولا أصلح مِمَّا فعل بعباده ضَرُورَة لَا ينفكون من ذَلِك فَإِن قُلْتُمْ إِن هَذَا لَا يلْزمنَا قيل لكم وَلَا يعجز عَليّ الأسواري عَن أَن يَقُول أَيْضا أَن هَذَا لَا يلْزَمنِي وَهَذَا لَا انفكاك مِنْهُ وَيُقَال لَهُم إِذا أخبر الله عز وَجل أَنه سيقيم السَّاعَة وسيميت زايدا يَوْم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute