للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِك مِقْدَار يصلح بِهِ من أعْطِيه فَإِذا استضافت إِلَيْهِ أَمْثَاله كَانَ ضرورا قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَلم يقل قطّ ذُو عقل وَمَعْرِفَة بحقائق الْأُمُور إِن غفار كَذَا مصلحَة جملَة وعَلى كل حَال وَلَا أَن الْأكل مصلحَة أبدا وعَلى الْجُمْلَة وَلَا أَن الشَّرَاب مصلحَة بِكُل وَجه أبدا وَإِنَّمَا الْحق أَن مِقْدَارًا من الدَّوَاء مصلحَة لعِلَّة كَذَا فَقَط فَإِن زَاد أَو نقص أَو تعدى بِهِ تِلْكَ الْعلَّة كَانَ ضَرَرا وَكَذَلِكَ الطَّعَام وَالشرَاب هما مصلحَة فِي حَال مَا وبقدر مَا فَمَا راد أَو تعدى بِهِ وقته كَانَ ضَرَرا وَمَا نقص عَن الْكِفَايَة كَانَ ضَرَرا لَيْسَ إِطْلَاق اسْم الصّلاح فِي شَيْء من ذَلِك أولى من إِطْلَاق اسْم الضَّرَر لِأَن كلا الْأَمريْنِ مَوْجُود فِي ذَلِك كَمَا ذكرنَا وَلَيْسَ الصّلاح من الله عز وَجل للْعَبد وَالْهدى لَهُ وَالْخَيْر من قبله عز وَجل كَذَلِك بل على الْإِطْلَاق وَالْجُمْلَة وعَلى كل حَال بل كلما زَاد الصّلاح وكثروا زَاد الْهدى وَكبر وَزَاد الْخَيْر وَكبر فَهُوَ أفضل فَإِن قَالُوا نجد الصَّلَاة وَالصِّيَام إِثْمًا فِي وَقت مَا وَأَجرا فِي آخر قُلْنَا مَا كَانَ من هَذَا مَنْهِيّا عَنهُ فَلَيْسَ صلاحاً الْبَتَّةَ وَلَا هُوَ هدى وَلَا خير بل هُوَ إِثْم وخذلان وضلال وَلَيْسَ فِي هَذَا كلمناكم لَكِن فِيمَا هُوَ صَلَاح حَقِيقَة وَهدى حَقِيقَة وَخير حَقِيقَة وَهَذَا مَا لَا مخلص لَهُم مِنْهُ

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقَالَ أَصْحَاب الْأَصْلَح مِنْهُم أَن من علم الله تَعَالَى أَنه يُؤمن من الْأَطْفَال إِن عَاشَ أَو يسلم من الْكفَّار إِن عَاشَ أَو يَتُوب من الْفُسَّاق إِن عَاشَ فَإِنَّهُ لَا يجوز الْبَتَّةَ أَن يميته الله قبل ذَلِك قَالُوا وَكَذَلِكَ من علم الله تَعَالَى أَنه إِن عَاشَ فعل خيرا فَلَا يجوز الْبَتَّةَ أَن يميته الله قبل فعله قَالُوا وَلَا يُمِيت الله تَعَالَى أحدا إِلَّا وَهُوَ يدْرِي أَنه إِن أبقاه طرفَة عين فَمَا زَاد فَإِنَّهُ لَا يفعل شَيْئا من الْخَيْر أصلا بل يكفر أَو يفسق وَلَا بُد

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا من طوامهم الَّتِي جمعت الْكفْر والسحق وَلم ينفكوا بهَا فَمَا فروا عَنهُ من تجوير الْبَارِي تَعَالَى بزعمهم وَأما الْكفْر فَإِنَّهُ يلْزمهُم أَن إِبْرَاهِيم بن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو بلغ لكفر أَو فسق وليت شعري إِذْ هَذَا عِنْدهم كَمَا زَعَمُوا فَلم أمات بَعضهم أثر وِلَادَته ثمَّ آخر بعد سَاعَة ثمَّ يَوْم ثمَّ يَوْمَيْنِ وَهَكَذَا شهرا بعد شهر وعاماً بعد عَام إِلَى أَن أمات بَعضهم قبل بُلُوغه بِيَسِير وَكلهمْ عِنْدهم سَوَاء فِي أَنهم لَو عاشوا لكفروا أَو فسقوا كلهم وَإِذ عَنى بهم هَذِه الْعِنَايَة فَلم أبقى من الْأَطْفَال من درى أَنه يكفر ويفسق وَنعم ويؤتيهم القوى والتدقيق فِي الْفَهم كالفيومي سعيد بن يُوسُف والمعمس دَاوُد بن قزوان وَإِبْرَاهِيم الْبَغْدَادِيّ وَأبي كثير الطَّبَرَانِيّ متكلمي الْيَهُود وَأبي ربطه اليعقوبي ومقرونيش الملكي من متكلمي النَّصَارَى وقردان بخت المثاني حَتَّى أَضَلُّوا كثيرا بشبههم وتمويهاتهم ومخارفتهم وَلَا سَبِيل إِلَى وجود فرق أصلا وَهَذَا مُحَابَاة وجور على أصولهم ثمَّ نجده تَعَالَى قد عذب بعض هَؤُلَاءِ الْأَطْفَال باليتم وَالْقمل والعرى وَالْبرد والجوع وَسُوء المرقد والعمى والبطلان والأوجاع حَتَّى يموتوا كَذَلِك وَبَعْضهمْ مرفه مخدوم منعم حَتَّى يَمُوت كَذَلِك وَلَعَلَّهُمَا الْأَب وَأم وَكَذَلِكَ يلْزمهُم أَن أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعلياً وَسَائِر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم نعم وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيم وَسَائِر الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن كل وَاحِد مِنْهُم لَو عَاشَ طرفَة عين على الْوَقْت الَّذِي مَاتَ فِيهِ لكفر أَو فسق ولزمهم مثل هَذَا فِي جِبْرِيل ومكائيل وَحَملَة الْعَرْش عَلَيْهِم السَّلَام إِن كَانُوا يَقُولُونَ بِأَنَّهُم يموتون فَإِن تَمَادَوْا على هَذَا كفرُوا وَقد صرح بَعضهم بذلك جهارا وَإِن أَبَوا تناقضوا ولزمهم أَن الله تَعَالَى يُمِيت من يدْرِي أَنه يزْدَاد خيرا ويبقي من يدْرِي أَنه يكفر وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>