للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا تخرج على قَول أحد مِمَّن خَالَفنَا إِلَّا بِحَذْف وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ أَن الَّذين فِي قَوْله تَعَالَى {الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} هُوَ خَبرا ابْتِدَاء مُضْمر وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا بِحَذْف الِابْتِدَاء كَأَنَّهُ قَالَ هم الَّذين وَلَا يجوز لأحد أَن يَقُول فِي الْقُرْآن حذفا إِلَّا بِنَصّ أخر جلي يُوجب ذَلِك أَو إِجْمَاع على ذَلِك أَو ضَرُورَة حس فَبَطل قَوْلهم وَصَارَ دَعْوَى بِلَا دَلِيل وَأما نَحن فَإِن لَفْظَة الدّين عندنَا على موضوعها دون حذف وَهُوَ نعت للأخسرين وَيكون خَبرا لابتداء قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين كفرُوا} وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء إِلَّا أَنهم هم الْكَاذِبُونَ} فَنعم هَذِه صفة الْقَوْم الَّذين وَصفهم الله تَعَالَى بِهَذَا فِي أول الْآيَة ورد الضَّمِير إِلَيْهِم وهم الْكفَّار بِنَصّ أول الْآيَة وَقَالَ قَائِلهمْ فَإِذا عذرتم للمجتهدين إِذا أخطأوا فأعذروا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَسَائِر الْملَل فَإِنَّهُم أَيْضا مجتهدون قاصدون الْخَيْر فجوابنا وَالله تَعَالَى التَّوْفِيق إننا لم نعذر من عذرنا بآرائنا وَلَا كفرنا من كفرنا بظننا وَهُوَ أَنا وَهَذِه خطة لم يؤتها الله عز وَجل أحد دونه وَلَا يدْخل الْجنَّة وَالنَّار أحدا بل الله تَعَالَى يدخلهَا من شَاءَ فَنحْن لَا نسمي بِالْإِيمَان إِلَّا من سَمَّاهُ الله تَعَالَى بِهِ كل ذَلِك على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يخْتَلف اثْنَان من أهل الأَرْض لَا نقُول من الْمُسلمين بل من كل مِلَّة فِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع بالْكفْر على أهل كل مِلَّة غير الْإِسْلَام الَّذين تَبرأ أَهله من كل مِلَّة حاشى الَّتِي أَتَاهُم بهَا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَط فوقفنا عِنْد ذَلِك وَلَا يخْتَلف أَيْضا اثْنَان فِي أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قطع باسم الْإِيمَان على كل من اتبعهُ وَصدق بِكُل مَا جَاءَ بِهِ وتبرأ من كل دين سوى ذَلِك فوقفنا أَيْضا عِنْد ذَلِك وَلَا مزِيد فَمن جَاءَ نَص فِي إِخْرَاجه عَن الْإِسْلَام بعد حُصُول اسْم الْإِسْلَام لَهُ أخرجناه مِنْهُ سَوَاء أجمع على خُرُوجه مِنْهُ أَو لم يجمع وَكَذَلِكَ من أجمع أهل الْإِسْلَام على خُرُوجه عَن الْإِسْلَام فَوَاجِب اتِّبَاع الْإِجْمَاع فِي ذَلِك وَأما من لَا نَص فِي خُرُوجه عَن الْإِسْلَام بعد حُصُول الْإِسْلَام لَهُ وَلَا إِجْمَاع فِي خُرُوجه أَيْضا عَنهُ فَلَا يجوز إِخْرَاجه عَمَّا قد صَحَّ يَقِينا حُصُوله فِيهِ وَقد نَص الله تَعَالَى على مَا قُلْنَا فَقَالَ {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} وَقَالَ تَعَالَى {ويريدون أَن يفرقُوا بَين الله وَرُسُله وَيَقُولُونَ نؤمن بِبَعْض ونكفر بِبَعْض ويريدون أَن يتخذوا بَين ذَلِك سَبِيلا أُولَئِكَ هم الْكَافِرُونَ حَقًا} وَقَالَ تَعَالَى {قل أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزؤون لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ} فَهَؤُلَاءِ كلهم كفار بِالنَّصِّ وَصَحَّ الْإِجْمَاع على أَن كل من جحد شَيْئا صَحَّ عندنَا بِالْإِجْمَاع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِهِ فقد كفر وَصَحَّ بِالنَّصِّ أَن كل من اسْتَهْزَأَ بِاللَّه تَعَالَى أَو بِملك من الْمَلَائِكَة أَو بِنَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام أَو بِآيَة من الْقُرْآن أَو بفريضة من فَرَائض الدّين فَهِيَ كلهَا آيَات الله تَعَالَى بعد بُلُوغ الْحجَّة إِلَيْهِ فَهُوَ كَافِر وَمن قَالَ بِنَبِي بعد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَو جحد شَيْئا صَحَّ عِنْده بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه فَهُوَ كَافِر لِأَنَّهُ لم يحكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا شجر بَينه وَبَين خَصمه

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد شقق أَصْحَاب الْكَلَام فَقَالُوا مَا تَقولُونَ فِيمَن قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُم صل فَقَالَ لَا أفعل أَو قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناولني ذَلِك السَّيْف أدفَع بِهِ عَن نَفسِي فَقَالَ لَهُ لَا أفعل

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا أَمر قد كفوا وُقُوعه وَلَا فضول أعظم من فضول من اشْتغل بِشَيْء

<<  <  ج: ص:  >  >>