قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمن الْبَاطِل الْمحَال أَن يتم الله نعْمَته على عبد ويعصى الله بِمَا كبر وَمَا صغر إِذْ لَو كَانَ ذَلِك لما كَانَت نعْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ تَامَّة بل نَاقِصَة إِذْ خذله فِيمَا عصى فِيهِ وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله وتعزروه وتوقروه} وَقَالَ الله تَعَالَى {قل أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزؤون لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ} .
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمَا وقر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَقَد بلغ الْغَايَة القصوى فِي الِاسْتِهْزَاء برسل الله صلى الله عَلَيْهِم وَسلم من جوز أَن يَكُونُوا سراقا زناة ولاطة وبغائين وَوَاللَّه مَا نعلم كفرا أعظم من هَذَا وَلَا استهزاء بِاللَّه تَعَالَى وبرسله وبالدين أعظم من كفر أهل هَذِه الْمقَالة وليت شعري مَا الَّذِي أَمنهم من كذبهمْ فِي التَّبْلِيغ لأَنا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُم بلغُوا إِلَيْنَا الْكَذِب عَن الله تَعَالَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَنَقُول لَهُم وَلَعَلَّ أَفعاله الَّتِي نأتسي بهَا تَبْدِيل للدّين ومعاص لله عز وَجل وَلَا فرق قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَمَا نعلم أهل قَرْيَة أَشد سعياً فِي إِفْسَاد الْإِسْلَام وكيده من الرافضة وَأهل هَذِه الْمقَالة فَإِن كلتا الطَّائِفَتَيْنِ الملعونتين أجازتا تَبْدِيل الدّين وتحريفه وصرحت هَذِه الفئة مَعَ مَا أطلقت على الْأَنْبِيَاء من الْمعاصِي بِأَن الله تَعَالَى إِنَّمَا تعبدنا فِي دينه بغالب ظنوننا وَأَنه لَا حكم لله إِلَّا مَا غلب عَلَيْهِ ظن الْمَرْء منا وَإِن كَانَ مُخْتَلفا متناقضاً وَمَا نمتري فِي أَنهم ساعون فِي إِفْسَاد أغمار الْمُسلمين الْمُحْسِنِينَ بهم الظَّن نَعُوذ بِاللَّه من الضلال.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَإِن قَالَ قَائِل أَنكُمْ تَقولُونَ أَن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مؤاخذون بِمَا أَتَوا على سَبِيل السَّهْو وَالْقَصْد إِلَى الْخَيْر إِذا لم يُوَافق مُرَاد الله تَعَالَى فَهَلا أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْوه فِي الصَّلَاة قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق قد غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَهَذِه فَضِيلَة مِمَّا فضل بِهِ على جَمِيع النَّبِيين عَلَيْهِم السَّلَام وَهَكَذَا نَص عَلَيْهِ السَّلَام فِي حَدِيث الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة ومصير النَّاس من نَبِي إِلَى نَبِي فَكل ذكر خَطِيئَة أَو سكت فَلَمَّا ذكرُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَائِلهمْ عبد غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَبَطل أَن يُؤَاخذ بِمَا غفره الله وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَإِن قَالَ قَائِل أَيجوزُ أَن يكون نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام يَأْتِي مَعْصِيّة قبل أَن يتنبأ قُلْنَا لَا يَخْلُو من أحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا أَن يكون متعبداً بشريعة نَبِي أَتَى قبله كَمَا كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَإِمَّا أَن يكون قد نَشأ فِي قوم قد درست شريعتهم ودثرت ونسيت كَمَا فِي بعثة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قوم قد نسوا شَرِيعَة إِسْمَاعِيل وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ تَعَالَى {ووجدك ضَالًّا فهدى} وَقَالَ تَعَالَى {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} فَإِن