قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأَيْضًا فقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَظِيم إِنْكَاره على ذِي الْخوَيْصِرَة لَعنه الله وَلعن أَمْثَاله إِذْ قَالَ الْكَافِر اعْدِلْ يَا مُحَمَّد ان هَذَا لقسمة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحك من يعدل إِذا أَنا لم أعدل يأمنني الله وَلَا تأمنوني وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لأم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ إِذْ سَأَلته عَن الَّذِي قبل امْرَأَته فِي رَمَضَان إِلَّا أخْبرتهَا أَنِّي فعلت ذَلِك وَغَضب عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ قَالَ لَهُ لست مثلنَا قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر فَأنْكر عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ جعل لَهُ ذَنبا بعمد وَإِن صغر وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي وَالله لأعلمكم بِاللَّه واتقاكم الله أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ فَإِن قَالَ قَائِل فَهَلا نفيتم عَنْهُم عَلَيْهِم السَّلَام السَّهْو بِدَلِيل النّدب إِلَى الايتساء بهم عَلَيْهِم السَّلَام قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِنْكَار مَا ثَبت كإجازة مَا لم يثبت سَوَاء وَلَا فرق والسهو مِنْهُم قد ثَبت بِيَقِين وَأَيْضًا فَإِن ندب الله تَعَالَى لنا إِلَى الايتساء بهم عَلَيْهِم السَّلَام لَا يمْنَع من وُقُوع السَّهْو مِنْهُم لِأَن الايتساء بالسهو لَا يُمكن إِلَّا بسهو منا وَمن الْمحَال أَن نندب إِلَى السَّهْو أَو نكلف لسهو لأننا لَو قصدنا إِلَيْهِ لم يكن حِينَئِذٍ سَهوا وَلَا يجوز أَيْضا أَن ننهي عَن السَّهْو لِأَن الِانْتِهَاء عَن السَّهْو لَيْسَ فِي بنيتنا وَلَا فِي وسعنا وَقد قَالَ تَعَالَى لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا ونقول أَيْضا إننا مأمورون إِذا سهونا أَن نَفْعل كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ سَهَا وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى لَا يقر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام على السَّهْو بل ينبههم فِي الْوَقْت وَلم يفعل ذَلِك تَعَالَى لَكَانَ لم يبين لنا مُرَاده منا فِي الدّين وَهَذَا تَكْذِيب لله عز وَجل إِذْ يَقُول تَعَالَى تبياناً لكل شَيْء وَإِذ يَقُول الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَقَوله تَعَالَى وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَسقط قَول من نسب إِلَى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام شَيْئا من الذُّنُوب بالعمد صغيرها وكبيرها إِذا لم يبْق لَهُم شُبْهَة يموهون بهَا أصلا وَإِذ قد قَامَت الْبَرَاهِين على بُطْلَانهَا وَلَحِقُوا بِذِي الْخوَيْصِرَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَو كَانَ من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام شَيْء من الْمعاصِي وَقد ندبنا إِلَى الايتساء بهم وبأفعالهم لَكنا قد أبيحت لنا الْمعاصِي وَكُنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّ جَمِيع ديننَا ضلال وَكفر وَلَعَلَّ كل مَا عمله عَلَيْهِ السَّلَام معاص وَلَقَد قلت يَوْمًا لبَعْضهِم مِمَّن كَانَ يُجِيز عَلَيْهِم الصَّغَائِر بالعمد أَلَيْسَ من الصَّغَائِر تَقْبِيل الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة وقرصها فَقَالَ نعم قلت تجوز أَنه يظنّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يقبل امْرَأَة غَيره مُتَعَمدا فَقَالَ معَاذ الله من هَذَا وَرجع إِلَى الْحق من حِينه وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك ويهديك صراطاً مُسْتَقِيمًا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute