اباءنا وكبرآءنا تركُوا دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتركناه فَلَو قَالُوا هَذَا واعتقدوه لكانوا مقلدين كفَّارًا غير مُؤمنين لأَنهم إِنَّمَا إتبعوا آبَائِهِم وكبراءهم الذذين نهوا عَن اتباعهم وَلم يتبعوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين أمروا باتباعه وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَإِنَّمَا كلف الله تَعَالَى الاتيان بالبرهان إِن كَانُوا صَادِقين يَعْنِي الْكفَّار الْمُخَالفين لما جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا نَص لآيَة وَلم يُكَلف قطّ الْمُسلمين الاتيان بالبراهين والأسقط اتباعهم حَتَّى يَأْتُوا بالبرهان أَو الْفرق بَين الْأَمريْنِ وَاضح وَهُوَ أَن كل من خَالف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا برهَان لَهُ أصلا فكلف المجئ بالبرهان تبكيتاً وتعجيزاً إِن كَانُوا صَادِقين وَلَيْسوا صَادِقين بِلَا برهَان لَهُم وَأما من اتبع مَا جَاءَهُم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد اتبع الْحق الَّذِي قَامَت الْبَرَاهِين بِصِحَّتِهِ ودان بِالصّدقِ الَّذِي قَامَت الْحجَّة الْبَالِغَة بِوُجُوبِهِ فَسَوَاء علم هُوَ بذلك الْبُرْهَان أَو لم يعلم حَسبه أَنه على الْحق الَّذِي صَحَّ بالبرهان وَلَا برهَان على مَا سواهُ فَهُوَ محق وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأما قَوْلهم مَا لم يكن علما فَهُوَ شكّ وَظن وَالْعلم هُوَ اعْتِقَاد الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ عَن ضَرُورَة أَو اسْتِدْلَال قَالُوا والديانات لَا تعرف صِحَّتهَا إِلَّا بالاستدلال فَإِن لم يسْتَدلّ الْمَرْء فَلَيْسَ عَالما وَإِذا لم يكن عَالما فَهُوَ جَاهِل شَاك أَو ظان وَإِذا كَانَ لَا يعلم الدّين فَهُوَ كَافِر
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَهَذَا لَيْسَ كَمَا قَالُوا لأَنهم قضوا قَضِيَّة بَاطِلَة فَاسِدَة بنوا عَلَيْهَا هَذَا الِاسْتِدْلَال وَهِي إقحامهم فِي حد الْعلم قَوْلهم عَن ضَرُورَة أَو اسْتِدْلَال فَهَذِهِ زِيَادَة فَاسِدَة لَا نوافقهم هعليها وَلَا جَاءَ بِصِحَّتِهَا قُرْآن وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع وَلَا لُغَة وَلَا طبيعة وَلَا قَول صَاحب وحد الْعلم على الْحَقِيقَة أَنه اعْتِقَاد الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ فَقَط وكل من اعْتقد شَيْئا على مَا هُوَ بِهِ وَلم يتخالجه شكّ فِيهِ فَهُوَ عَالم بِهِ وَسَوَاء كَانَ عَن ضَرُورَة حس أَو عَن بديهة عقل أَو عَن برهَان اسْتِدْلَال أَو عَن تيسير الله عز وَجل لَهُ وخلقه لذَلِك المعتقد فِي قلبه وَلَا مزِيد وَلَا يجوز الْبَتَّةَ أَن يكون مُحَقّق فِي اعْتِقَاد شَيْء كَمَا هُوَ ذَلِك الشَّيْء وَهُوَ غير عَالم بِهِ وَهَذَا تنَاقض وَفَسَاد وتعارض وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأما قَوْلهم فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْأَلَة الْملك فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ بل هُوَ حجَّة عَلَيْهِم كَمَا هُوَ لمجرده لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا قَالَ فِيهِ فَأَما الْمُؤمن أَو الموقن فَيَقُول هُوَ رَسُول الله وَلم يقل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَما الْمُسْتَدلّ فحسبنا فوز الْمُؤمن المؤقن الموقن كَيفَ كَانَ أبمانه ويقينه وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب وَلم يقل غير الْمُسْتَدلّ فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَنعم هَذَا قَوْلنَا لِأَن الْمُنَافِق والمرتاب ليسَا موقنين وَلَا مُؤمنين وَهَذَا صفة مِنْهُ مقلد للنَّاس لَا مُحَقّق فَظهر أَن هَذَا الْخَبَر حجَّة عَلَيْهِم كَافِيَة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأما قَوْلهم إِن الله عز وَجل قد ذكر الِاسْتِدْلَال فِي غير مَوضِع من كِتَابه وَأمر بِهِ وواجب الْعلم بِهِ وَالْعلم لَا يكون إِلَّا عَن اسْتِدْلَال فهذذه أَيْضا زِيَادَة أقحموها وَهِي قَوْلهم وَأمر بِهِ فَهَذَا لَا يجدونه أبدا وَلَكِن الله تَعَالَى ذكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute