وَقَالَ تَعَالَى {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت لَا ظلم الْيَوْم} هَذَا نَص كَلَامه يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ القَاضِي على كل مُجمل قَالُوا فنص الله عز وَجل أَنه يضع الموازين الْقسْط وَأَنه لَا يظلم أحدا شَيْئا ولامثقال حَبَّة خَرْدَل وَلَا مِثْقَال ذرة من خير وَمن شَرّ فصح أَن السَّيئَة لَا تحبط الْحَسَنَة وَأَن الْإِيمَان لَا يسْقط الْكَبَائِر وَنَصّ الله تَعَالَى أَنه تجزى كل نفس بِمَا كسبت وَمَا عملت وَمَا سعت وَأَنه لَيْسَ لأحد الاما سعى وَأَنه سيجري بذلك من أَسَاءَ بِمَا عمل وَمن أحسن بِالْحُسْنَى وَأَنه تَعَالَى يُوفي النَّاس أَعْمَالهم فَدخل فِي ذَلِك الْخَيْر وَالشَّر وَأَنه تَعَالَى يجازي بِكُل خير وَبِكُل سوء وَعمل وَهَذَا كُله يبطل قَول من قَالَ بالتخليد ضَرُورَة وَقَول من قَالَ باسقاط الْوَعيد جملَة لِأَن الْمُعْتَزلَة تَقول أَن الْإِيمَان يضيع ويحبط وَهَذَا خلاف قَول الله تَعَالَى أَنه لَا يضيع ليماتناولا عمل عَامل منا وَقَالُوا هم أَن الْخَيْر سَاقِط بسيئة وَاحِدَة وَقَالَ تَعَالَى {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السيئآت} فَقَالُوا هم ان السيآت يذهن الْحَسَنَات وَقد نَص تَعَالَى أَن الْأَعْمَال لَا يحبطها إِلَّا الشّرك وَالْمَوْت عَلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا} فَلَو كَانَت كل سَيِّئَة أَو كَبِيرَة توجب الخلود فِي جَهَنَّم ويحبط الْأَعْمَال الْحَسَنَة لكَانَتْ كل سَيِّئَة أَو كل كَبِيرَة كفرا ولتساوت السيئآت كلهَا وَهَذَا خلاف النُّصُوص وَعلمنَا بِمَا ذكرنَا أَن الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم {لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} هم الَّذين رجحت حسناتهم على سيئآتهم فَسقط كل سَيِّئَة قدموها وَصَحَّ أَن قَوْله تَعَالَى {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فكبت وُجُوههم فِي النَّار} هُوَ فِيمَن رجحت كبائرهم حسناتهم وَإِن السَّيئَة الْمُوجبَة هى للخلود وهى الْكفْر لِأَن النُّصُوص جَاءَت بتقسيم السيئآت فَقَالَ تَعَالَى {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} فَهَذِهِ سيئآت مغفورة باجتناب الْكَبَائِر وَقَالَ تَعَالَى {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأخْبر تَعَالَى أَن من السَّيِّئَات المجازى لَهَا مَا هُوَ مقدارذرة وَمِنْهَا مَا هُوَ أكبر وَلَا شكّ أَن الْكفْر أكبر السيئآت فَلَو كَانَت كل كَبِيرَة جزاءها الخلود لكَانَتْ كلهَا ولكانت كلهَا سَوَاء وَلَيْسَت كَذَلِك بِالنَّصِّ وَأما وَعِيد الله بالخلود فِي الْقَاتِل وَغَيره فَلَو لم يَأْتِ إِلَّا هَذِه النُّصُوص لوَجَبَ الْوُقُوف عِنْدهَا لكنه قد قَالَ تَعَالَى {لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى} وَكَلَامه تَعَالَى لَا يخْتَلف وَلَا يتناقض وَقد صَحَّ أَن الْقَاتِل لَيْسَ كَافِرًا وَإِن الزَّانِي لَيْسَ كَافِرًا وَأَن أَصْحَاب تِلْكَ الذُّنُوب المتوعد عَلَيْهَا لَيْسُوا كفَّارًا بِمَا ذكرنَا قبل من أَنهم مُبَاح لَهُم نِكَاح المسلمات إِنَّهُم مأمورون بالصلات وَأَن زَكَاة أَمْوَالهم مَقْبُوضَة وَأَنَّهُمْ لَا يقتلُون وَأَنه إِن عفى عَن الْقَاتِل فَقتله مُسلم فَإِنَّهُ يقتل بِهِ وَأَنه يَرث وَيُورث وتؤكل ذَبِيحَته فَإذْ لَيْسَ كَافِرًا فبيقين يدرى أَن خلوده إِنَّمَا هُوَ مقَام مُدَّة مَا وَإِن الصلا (١) الى نَمَاء الله تَعَالَى عَن كل من لم يكذب وَلَا تولى إِنَّمَا هُوَ صلى الخلود لَا يجوز البته غير هذذا وَبِهَذَا تتألف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute