للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النُّصُوص وتتفق وَمن الْمَعْهُود فِي المخاطبة أَن وَفد من بلد إِلَى بلد محبس فِيهِ لأمر أوجب احتباسه فِيهِ مُدَّة مَا فَإِنَّهُ لَيْسَ من أهل ذَلِك الْبَلَد الَّذِي حبس فِيهِ فَمن دخل فِي النَّار ثمَّ أخرج مِنْهَا فقد انْقَطع عَنهُ صليها فَلَيْسَ من أَهلهَا وَأهل صليها على الْإِطْلَاق وَالْجُمْلَة هم الْكفَّار المخلدون فِيهَا أبدا فَهَكَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح فقد ذكر عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ من يدْخل النَّار بذنوبه ثمَّ يخرج مِنْهَا ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا يَعْنِي الْكفَّار المخلدين فِيهَا وَقد قَالَ عز وَجل {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها كَانَ على رَبك حتما مقضيا ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثياً} فقد بَين عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك بقوله فِي الْخَبَر الصَّحِيح ثمَّ يضْرب الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم فبالقرآن وَكَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَحَّ أَن ممر النَّاس من مَحْشَرهمْ إِلَى الْجنَّة إِنَّمَا هُوَ بخوضهم وسط جَهَنَّم وينجي الله أَوْلِيَاء من حرهَا وهم الَّذين لَا كَبَائِر لَهُم أَو لَهُم كَبَائِر تَابُوا عَنْهَا ورجحب حسناوتهم بكبائرهم أَو تَسَاوَت كبائرهم وسيئاتهم بحسناتهم وَأَنه تَعَالَى يمحص من رجحت كبائره وسيئاته ثمَّ يخرجهم عَنْهَا إِلَى الْجنَّة بإيمَانهمْ ويمحق الْكفَّار بتخليدهم فِي النَّار كَمَا قَالَ تَعَالَى {وليمحص الله الَّذين آمنُوا ويمحق الْكَافرين} وَأَيْضًا فَإِن كل آيَة وَعِيد وَخبر وَعِيد تعلق بِهِ من قَالَ بتخليد المذذنبين فَإِن المحتجين بِتِلْكَ النُّصُوص هم أول مُخَالف لَهَا لأَنهم يَقُولُونَ أَن من يأتى بِتِلْكَ الْكَبَائِر ثمَّ تَابَ سقط عَنهُ الْوَعيد فقد تركُوا ظَاهر تِلْكَ النُّصُوص فَإِن قَالُوا إِنَّمَا قُلْنَا بنصوص أخر أَو جبت ذَلِك قيل لَهُم نعم وَكَذَلِكَ فعلنَا بنصوص أخر وَهِي آيَات الموازنة وَأَنه تَعَالَى لَا يضيع عمل عَامل من خير أَو شَرّ وَلَا فرق وَيُقَال لمن أسقط آيَات الْوَعيد جملَة وَقَالَ أَنَّهَا كلهَا إِنَّمَا جَاءَت فِي الْكفَّار أَن هَذَا بَاطِل لِأَن نَص الْقُرْآن بالوعيد على الفار من الزَّحْف لَيْسَ إِلَّا على الْمُؤمن بِيَقِين بِنَصّ الْآيَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} وَلَا يُمكن أَن يكون هَذَا فِي كَافِر أصلا فَسقط قَول من قَالَ بالتخليد وَقَول من قَالَ باسقاط الْوَعيد وَلم يبْق الإ فول من أجمل جَوَاز الْمَغْفِرَة وَجوز الْعقَاب

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَوَجَدنَا هَذَا القَوْل مُجملا قد فسرته آيَات الموازنة وَقَوله تَعَالَى الَّذِي تعلقوا بِهِ {أَن الله لَا يغْفر إِن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} حق على ظَاهرهَا وعَلى عمومها وَقد فسرتها بإقرارهم آيَات أخر لِأَنَّهُ لَا يخْتَلف فِي أَن الله تَعَالَى يغْفر أَن يُشْرك بِهِ لمن تَابَ من الشّرك بِلَا شكّ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء فهذاكله حق إِلَّا أَنه قد بَين من هم الَّذين شَاءَ أَن يغْفر لَهُم فَإِن صرتم إِلَى بَيَان الله تَعَالَى فَهُوَ الْحق وَأَن أَبَيْتُم إِلَّا الثَّبَات على الأجمال فأخبرونا عَن قَول الله تَعَالَى {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} وَقَوله تَعَالَى {بل أَنْتُم بشر مِمَّن خلق يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} أَتَرَوْنَ أَن هَذَا الْعُمُوم تَقولُونَ بِهِ فتجيزون أَنه يغْفر الْكفْر لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>