ذَنْب من الذُّنُوب أم لَا وأخبرونا عَن قَول الله عز وَجل حاكياً عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه يَقُول لَهُ تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة {يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق إِن كنت قلته فقد عَلمته تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي نَفسك} إِلَى قَوْله {وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد} إِلَى قَوْله {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} أَيَدْخُلُ النَّصَارَى الَّذين اتَّخذُوا عِيسَى وَأمه إِلَهَيْنِ من دون الله تَعَالَى فِي جَوَاز الْمَغْفِرَة لَهُم لصدق قَول الله تَعَالَى فِي هَذَا القَوْل من التَّخْيِير بَين الْمَغْفِرَة لَهُم أَو تعذينهم وأخبرونا عَن قَوْله تَعَالَى {قَالَ عَذَابي أُصِيب بِهِ من أَشَاء ورحمتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} فَمن قَوْلهم أَن الْمَغْفِرَة لَا تكون الْبَتَّةَ لمن كفر وَمَات كَافِرًا وَأَنَّهُمْ خارجون من هَذَا الْعُمُوم وَمن هَذِه الْجُمْلَة بقوله تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر إِن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} قيل لَهُم وَلم خصصتم هَذِه الْجُمْلَة بِهَذَا النَّص وَلم تخصوا قَوْله تَعَالَى {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} بقوله {فَأَما من ثقلت مَوَازِينه فَهُوَ فِي عيشة راضية وَأما من خفت مَوَازِينه فأمه هاوية} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت} وَهَذَا خبر لَا نسخ فِيهِ فَإِن قَالُوا نعم إِلَّا أَن يَشَاء أَن يغْفر لَهُم قيل لَهُم قد أخبر الله تَعَالَى أَنه لَا يَشَاء ذَلِك بإخباره تَعَالَى أَنه فِي ذَلِك الْيَوْم يَجْزِي كل نفس مَا كسبت وَلَا فرق
(قَالَ أَبُو) مُحَمَّد وَقد أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الرجل يأتى يَوْم الْقِيَامَة وَله صَدَقَة وَصِيَام وَصَلَاة فيوجد قد سفك دم هَذَا وَشتم هَذَا فتؤخذ حَسَنَاته كلهَا فيقتص لَهُم مِنْهَا فَإِذا لم يبْق لَهُ حَسَنَة قذف من سيآتهم عَلَيْهِ وَرمى فِي النَّار وَهَكَذَا أخبر عَلَيْهِ السَّلَام فِي قوم يخرجُون من النَّار حَتَّى إِذا نقوا وهذبوا أدخلُوا الْجنَّة وَقد بَين عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك بِأَنَّهُ يخرج من النَّار من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من شعير من خير ثمَّ من فِي قلبه مِثْقَال برة من خير ثمَّ من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل ثمَّ من فِي قلبه مِثْقَال ذرة إِلَى أدنى أدنى أدنى من ذَلِك ثمَّ من لم يعْمل خيرا قطّ لال شَهَادَة السَّلَام فَوَجَبَ الْوُقُوف عِنْد هَذِه النُّصُوص كلهَا المفسرة للنَّص الْمُجْمل ثمَّ يُقَال أخبرونا عَمَّن لم يعْمل شرا قطّ إِلَّا اللمم وَمن هم بِالشَّرِّ فَلم يَفْعَله فَمن قَول أهل الْحق أَنه مغْفُور لَهُ جملَة بقوله تَعَالَى {إِلَّا اللمم} وَبقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله تجَاوز لَا مَتى عَمَّا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تخرجه بقول أَو عمل
(قَالَ أبومحمد) وَهَذَا يَنْقَسِم أقساماً أَحدهَا من هم بسيئة اى شئ كَانَت من السيئآت ثمَّ تَركهَا مُخْتَار الله تَعَالَى فَهَذَا تكْتب لَهُ حَسَنَة فَإِن تَركهَا مَغْلُوبًا لَا مُخْتَارًا لم تكْتب لَهُ حَسَنَة وَلَا سَيِّئَة تفضلاً من الله عز وَجل وَلَو عَملهَا كتبت لَهُ سَيِّئَة وَاحِدَة وَلَو هم بحسنة وَلَو يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَاحِدَة وَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر حَسَنَات وَهَذَا كُله نَص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد ناظرت بعض المنكرين لهَذَا فَذهب إِلَى أَن الْهم بِالسَّيِّئَةِ إِصْرَار عَلَيْهَا فَقلت لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute