وَلَيْسَ هَذَا وزنا وندري أَن إِثْم الْقَاتِل أعظم من إِثْم اللاطم وَأَن ميزَان مصلي الْفَرِيضَة أعظم من ميزَان مصلي التَّطَوُّع بل بعض الْفَرَائِض أعظم من بعض فقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من صلى الصُّبْح فِي جمَاعَة كمن قَامَ لَيْلَة وَمن صلى الْعَتَمَة فِي جمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ نصف لَيْلَة وَكِلَاهُمَا فرض وَهَكَذَا جَمِيع الْأَعْمَال فَإِنَّمَا يُوزن عمل العَبْد خَيره مَعَ شَره وَلَو نصح الْمُعْتَزلَة أنفسهم لعلموا أَن هَذَا عين الْعدْل وَأما من قَالَ بِمَا لَا يدْرِي أَن ذَلِك الْمِيزَان ذُو كفتين فَإِنَّمَا قَالَه قِيَاسا على مَوَازِين الدُّنْيَا وَقد أَخطَأ فِي قِيَاسه إِذْ فِي مَوَازِين الدُّنْيَا مَالا كفة لَهُ كالقرسطون وَأما نَحن فَإِنَّمَا اتَّبعنَا النُّصُوص الْوَارِدَة فِي ذَلِك فَقَط وَلَا نقُول إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ قُرْآن أَو سنة صَحِيحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا ننكر إِلَّا مَا لم يَأْتِ فيهمَا وَلَا نكذب إِلَّا بِمَا فيهمَا إِبْطَاله وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
وَأما الْحَوْض فقد صحت الْآثَار فِيهِ وَهُوَ كَرَامَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلمن ورد عَلَيْهِ من أمته وَلَا نَدْرِي لمن أنكرهُ مُتَعَلقا وَلَا يجوز مُخَالفَة مَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا وَغَيره وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
وَأما الصِّرَاط فقد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الأول الَّذِي قبل هَذَا وَأَنه كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوضع الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم ويمر عَلَيْهِ النَّاس فمخدوش وناج ومكردس فِي نَار جَهَنَّم وَأَن النَّاس يَمرونَ عَلَيْهِ على قدر أَعْمَالهم كمر الطّرف فَمَا دون لَك إِلَى من يَقع فِي النَّار وَهُوَ طَرِيق أهل الْجنَّة إِلَيْهَا من الْمَحْشَر فِي الأَرْض إِلَى السَّمَاء وَهُوَ معنى قَول الله تَعَالَى {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها كَانَ على رَبك حتما مقضيا ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثياً} وَأما كتاب الْمَلَائِكَة لأعمالنا فَحق قَالَ الله تَعَالَى {وَأَن عَلَيْكُم لحافظين كراماً كاتبين} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشوراً اقْرَأ كتابك} وَقَالَ تَعَالَى {إِذْ يتلَقَّى المتلقيان عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد}
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وكل هَذَا مَا لَا خلاف فِيهِ بَين أحد مِمَّن ينتمي إِلَى الْإِسْلَام إِلَّا أَنه لَا يعلم أحد من النَّاس كَيْفيَّة ذَلِك الْكتاب
عَذَاب الْقَبْر قَالَ أَبُو مُحَمَّد ذهب ضرار بن عَمْرو الْغَطَفَانِي أحد شُيُوخ الْمُعْتَزلَة إِلَى إِنْكَار