للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَوْت لَا تزَال يبْعَث منهاجملة بعد الْجُمْلَة فينفخها فِي الأجساد المتولدة من الْمَنِيّ المتحدر من أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى {الم يَك نُطْفَة من مني يمنى ثمَّ كَانَ علقَة فخلق فسوى} وَقَالَ عز وَجل {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاماً} الْآيَة وَكَذَلِكَ أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يجمع خلق ابْن آدم فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يُرْسل الْملك فينفخ فِيهِ الرّوح وَهَذَا نَص قَوْلنَا وَالْحَمْد لله فيبلوهم الله عز وَجل فِي الدُّنْيَا كَمَا شَاءَ ثمَّ يتوفاها فترجع إِلَى البرزخ الَّذِي رَآهَا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرى بِهِ عِنْد سَمَاء الدُّنْيَا أَرْوَاح أهل السَّعَادَة عَن يَمِين آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وأرواح أهل الشقاوة وَعَن يسَاره عَلَيْهِ السَّلَام وَذَلِكَ عِنْد مُنْقَطع العناصر وتعجل أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وأرواح الشُّهَدَاء إِلَى الْجنَّة وَقد ذكر مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه ذكر هَذَا القَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ بِعَيْنِه وَقَالَ على هَذَا أجمع أهل الْعلم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهُوَ قَول جَمِيع أهل الْإِسْلَام حَتَّى خَالف من ذكرنَا وَهَذَا هُوَ قَول الله عز وَجل {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون فِي جنَّات النَّعيم} وَقَوله تَعَالَى {وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم وتصلية جحيم إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} وَلَا تزَال الْأَرْوَاح هُنَالك حَتَّى يتم عدد الْأَرْوَاح كلهَا بنفخها فِي أجسادها ثمَّ برجوعها إِلَى البرزخ الْمَذْكُور فتقوم السَّاعَة وَيُعِيد عز وَجل الْأَرْوَاح ثَانِيَة إِلَى الأجساد وَهِي الْحَيَاة الثَّانِيَة وَيُحَاسب الْخلق فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير مخلدين أبدا

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) قَول بعض الأشعرية معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَهْد الْمَأْخُوذ فِي قَول الله عز وَجل {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ وأشهدهم على أنفسهم} إِن إِذْ هَاهُنَا بِمَعْنى إِذا فَقَوْل فِي غَايَة السُّقُوط لوُجُوده خَمْسَة أَولهَا أَنه دَعْوَى بِلَا دَلِيل وَالثَّانيَِة أَن إِذا بِمَعْنى إِذا لَا يعرف فِي اللُّغَة وَثَالِثهَا أَنه لَو صَحَّ لَهُ تَأْوِيله هَذَا الْفَاسِد وَهُوَ لَا يَصح لَكَانَ كلَاما لَا يعقل وَلَا يفهم وَإِنَّمَا أوردهُ عز وَجل حجَّة علينا وَلَا يحْتَج الله عز وَجل إِلَّا بِمَا يفهم لَا بِمَا لَا يفهم لِأَن الله تَعَالَى قد تطول علينا بِإِسْقَاط الأصر عَنَّا وَلَا إصر أعظم من تكليفنا فهم مَا لَيْسَ فِي بنيتنا فهمه وَرَابِعهَا أَنه لَو كَانَ كَمَا ادّعى لما كَانَ على ظهر الأَرْض إِلَّا مُؤمن والعيان يبطل هَذَا لأننا نشاهد كثيرا من النَّاس لم يَقُولُوا قطّ رَبنَا الله مِمَّن نَشأ على الْكفْر وَولدت عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ وَمِمَّنْ يَقُول بِأَن الْعَالم لم يزل وَلَا مُحدث لَهُ من الْأَوَائِل والمتأخرين وخامسها أَن الله عز وَجل إِنَّمَا أخبر بِهَذِهِ الْآيَة عَمَّا فعل ودلنا على أَن الذّكر يعود بعد فِرَاق الرّوح للجسد كَمَا كَانَ قبل حُلُوله فِيهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى أخبرنَا أَنه أَقَامَ علينا الْحجَّة بذلك الْإِشْهَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>