حاكياً عَن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب واجعله رب رَضِيا}
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لِأَن الروَاة حَملَة الْأَخْبَار وَجَمِيع التواريخ الْقَدِيمَة كلهَا وكواف بني إِسْرَائِيل ينقلون بِلَا خلاف نقلا يُوجب الْعلم أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَهُ بنُون غير سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فصح أَنه ورث النُّبُوَّة وبرهان ذَلِك أَنهم كلهم مجمعون على أَنه عَلَيْهِ السَّلَام ولي مَكَان أَبِيه عَلَيْهِمَا السَّلَام وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا اثْنَتَيْ عشرَة سنة ولداود أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ابْنا كبارًا وصغاراً وَهَكَذَا القَوْل فِي مِيرَاث يحي بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام وبرهان ذَلِك من نَص الْآيَة نَفسهَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب وهم مئوا أُلُوف يَرث عَنهُ النُّبُوَّة فَقَط وَأَيْضًا فَمن الْمحَال أَن يرغب زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام فِي ولد يحجب عصبته عَم مِيرَاث فَإِنَّمَا يرغب فِي هَذِه الخطة ذُو الْحِرْص على الدُّنْيَا وحطامها وَقد نزه الله عز وَجل مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام الَّتِي كَانَت فِي كفَالَته من المعجزات قَالَ تَعَالَى {كلما دخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا رزقا قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} إِلَى قَوْله {إِنَّك سميع الدُّعَاء} وعَلى هَذَا الْمَعْنى دَعَا فَقَالَ {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب واجعله رب رَضِيا} وَأما من اغْترَّ بقوله تَعَالَى حاكياً عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} قيل لَهُ بطلَان هَذَا الظَّن أَن الله تَعَالَى لم يُعْطه ولدا يكون لَهُ عقب فيتصل الْمِيرَاث لَهُم بل أعطَاهُ ولدا حصورا لَا يقرب النِّسَاء قَالَ تَعَالَى {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا من الصَّالِحين} فصح ضَرُورَة أَنه عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا طلب ولدا نَبيا لَا ولد يَرث المَال وَأَيْضًا فَلم يكن الْعَبَّاس محيطاً بميراث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا كَانَ يكون لَهُ ثَلَاثَة أثمانه فَقَط وَأما مِيرَاث المكانة فقد كَانَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ حَيا قَائِما إِذْ مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا ادعِي الْعَبَّاس لنَفسِهِ فَقَط فِي ذَلِك حَقًا لَا حِينَئِذٍ وَلَا بعد ذَلِك وَجَاءَت الشورى فَمَا ذكر فِيهَا وَلَا أنكر هُوَ وَلَا غَيره ترك ذكره فِيهَا فصح أَنه رأى مُحدث فَاسد لَا وَجه لَهُ للاشتغال بِهِ وَالْخُلَفَاء من وَلَده والأفاضل مِنْهُم من غير الْخُلَفَاء لَا يرَوْنَ لأَنْفُسِهِمْ بِهَذِهِ الدعْوَة ترفعاً عَن سُقُوطهَا ووهيها وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأما الْقَائِلُونَ بِأَن الْإِمَامَة لَا تكون إِلَّا فِي ولد عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُم انقسموا قسمَيْنِ فطائفة قَالَت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَص على عَليّ بن أبي طَالب أَنه الْخَلِيفَة وَأَن الصَّحَابَة بعده عَلَيْهِ السَّلَام اتَّفقُوا على ظلمه وعَلى كتمان نَص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَؤُلَاء الْمُسلمُونَ الروافض وَطَائِفَة قَالَت لم ينص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَليّ لكنه كَانَ أفضل النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحقهم بِالْأَمر وَهَؤُلَاء هم الزيدية نسبوا إِلَى زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ اخْتلف الزيدية فرقا فَقَالَت طَائِفَة إِن الصَّحَابَة ظلموه وَكَفرُوا من خَالفه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute