الْمُؤمنِينَ لَا لكلهم فَلَو سمي أَمِير الْمُؤمنِينَ لَكَانَ مسميه بذلك كَاذِبًا لِأَن هَذِه اللَّفْظَة تَقْتَضِي عُمُوم جَمِيع الْمُؤمنِينَ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ أَمِير بعض الْمُؤمنِينَ فصح أَنه لَيْسَ بحوز الْبَتَّةَ أَن يُوقع اسْم الْإِمَامَة مُطلقًا وَلَا اسْم أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا على الْقرشِي الْمُتَوَلِي لجَمِيع أُمُور الْمُؤمنِينَ كلهم أَو الْوَاجِب لَهُ ذَلِك وَإِن عَصَاهُ كثير من الْمُؤمنِينَ وَخَرجُوا عَن الْوَاجِب عَلَيْهِم من طَاعَته والمفترض عَلَيْهِم من بيعَته فَكَانُوا بذلك فِئَة باغية حَلَالا قِتَالهمْ وحربهم وَكَذَلِكَ اسْم الْخلَافَة بِإِطْلَاق لَا يجوز أَيْضا إِلَّا لمن هَذِه صفته وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بِأَن الْإِمَامَة لَا تجوز إِلَّا فِي صلبة قُرَيْش فَقَالَت طَائِفَة هِيَ جَائِزَة فِي جَمِيع ولد فهر بن مَالك فَقَط وَهَذَا قَول أهل السّنة وَجُمْهُور المرجئة وَبَعض الْمُعْتَزلَة وَقَالَت طَائِفَة لَا تجوز الْخلَافَة إِلَّا فِي ولد الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَهُوَ قَول الرلوندية وَقَالَت طَائِفَة لَا تجوز الْخلَافَة إِلَّا فِي ولد عَليّ ابْن أبي طَالب ثمَّ قصروها على عبد الله بن مُعَاوِيَة بن جَعْفَر بن أبي طَالب وبلغنا عَن بعض بني الْحَارِث بن عبد الْمطلب أَنه كَانَ يَقُول لَا تجوز الْخلَافَة إِلَّا فِي بني عبد الْمطلب خَاصَّة ويراها فِي جَمِيع ولد عبد الْمطلب وهم أَبُو طَالب وَأَبُو لَهب والْحَارث وَالْعَبَّاس وبلغنا عَن رجل كَانَ بالأردن يَقُول لَا تجوز الْخلَافَة إِلَّا فِي بني أُميَّة بن عبد شمس وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِك تأليف مَجْمُوع وروبنا كتابا مؤلفا الرجل من ولد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يحْتَج فِيهِ بِأَن الْخلَافَة لَا تجوز إِلَّا لولد أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا (قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَأَما هَذِه الْفرق الأرع فَمَا وجدنَا لَهُم شُبْهَة يسْتَحق أَن يشْتَغل بهَا إِلَّا دعاوي كَاذِبَة لَا وَجه لَهَا وَإِنَّمَا الْكَلَام مَعَ الَّذين يرَوْنَ الْأَمر لولد الْعَبَّاس أَو لولد عَليّ فَقَط لِكَثْرَة عَددهمْ قَالَ أَبُو مُحَمَّد احْتج من ذهب إِلَى أَن الْخلَافَة لَا تجوز إِلَّا فِي ولد الْعَبَّاس فَقَط على أَن الْخُلَفَاء من وَلَده وكل من لَهُ حَظّ من علم من غير الْخُلَفَاء مِنْهُم لَا يرضون بِهَذَا وَلَا يَقُولُونَ بِهِ لَكِن تِلْكَ الطَّائِفَة قَالَت كَانَ الْعَبَّاس عصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووارثه فَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فقد ورث مَكَانَهُ (قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن مِيرَاث الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ لَو وَجب لَهُ لَكَانَ ذَلِك فِي المَال خَاصَّة وَأما الْمرتبَة فَمَا جَاءَ قطّ فِي الديانَات أَنَّهَا تورث فَبَطل هَذَا التمويه جملَة وَللَّه الْحَمد وَلَو جَازَ أَن تورث الْمَرَاتِب لَكَانَ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَانا مَا إِذا مَاتَ وَجب أَن يَرث تِلْكَ الْولَايَة عاصبه ووارثه وَهَذَا مَالا يَقُولُونَهُ فَكيف وَقد صَحَّ بِإِجْمَاع جَمِيع أهل الْقبْلَة حاشا الروافض أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة فَإِن اعْترض معترض بقول الله عز وَجل {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute