أسلم الْأَمر إِلَى مُعَاوِيَة فَإِذا هَذَا كَذَلِك فقد صَحَّ الْإِجْمَاع على بطلَان قَول ابْن كرام وَأبي الصَّباح وَبَطل أَن يكون لَهُم تعلق فِي شَيْء أصلا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق ثمَّ اخْتلف الْقَائِلُونَ بِوُجُوب الْإِمَامَة على قُرَيْش فَذهب أهل السّنة وَجَمِيع أهل الشِّيعَة وَبَعض الْمُعْتَزلَة وَجُمْهُور المرجئة إِلَى أَن الْإِمَامَة لَا تجوز إِلَّا فِي قُرَيْش خَاصَّة من كَانَ من ولد فهر بن مَالك وَأَنَّهَا لَا تجوز فِيمَن كَانَ أَبوهُ من غير بني فهر بن مَالك وَإِن كَانَت أمه من قُرَيْش وَلَا فِي حَلِيف وَلَا فِي مولى وهبت الْخَوَارِج كلهَا وَجُمْهُور الْمُعْتَزلَة وَبَعض المرجئة إِلَى أَنَّهَا جَائِزَة فِي كل من قَامَ بِالْكتاب وَالسّنة قرشياً كَانَ أَو عَرَبيا أَو ابْن عبد وَقَالَ ضرار بن عَمْرو الْغَطَفَانِي إِذا اجْتمع حبشِي وقرشي كِلَاهُمَا قَائِم بِالْكتاب وَالسّنة قَالُوا وَجب أَن يقدم الحبشي لِأَنَّهُ أسهل لِخَلْعِهِ إِذا حاد عَن الطَّرِيقَة
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وبوجوب الْإِمَامَة فِي ولد فهر ابْن مَالك خَاصَّة نقُول بِنَصّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن الْأَئِمَّة من قُرَيْش وعَلى أَن الْإِمَامَة فِي قُرَيْش وَهَذِه رِوَايَة جَاءَت مَجِيء التَّوَاتُر وَرَوَاهَا أنس بن مَالك وَعبد الله ابْن عمر بن الْخطاب ومعوية وَرُوِيَ جَابر بن عبد الله وَجَابِر بن سَمُرَة وَعبادَة بن الصَّامِت مَعْنَاهَا وَمِمَّا يدل على صِحَة ذَلِك إذعان الْأَنْصَار رَضِي الله عنم يَوْم السَّقِيفَة وهم أهل الدَّار والمنعة وَالْعدَد والسابقة فِي الْإِسْلَام رَضِي الله عَنْهُم وَمن الْمحَال أَن يتْركُوا اجتهادهم لاجتهاد غَيرهم لَوْلَا قيام الْحجَّة عَلَيْهِم بِنَصّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن الْحق لغَيرهم فِي ذَلِك فَإِن قَالَ قَائِل أَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَئِمَّة من قُرَيْش يدْخل فِي لَك الحليف وَالْمولى وَابْن الْأُخْت لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مولي الْقَوْم مِنْهُم وَمن أنفسهم وَابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَن الْإِجْمَاع قد تَيَقّن وَصَحَّ على أَن حكم الحليف وَالْمولى وَابْن الْأُخْت كَحكم من لَيْسَ لَهُ حَلِيف وَلَا مولى وَلَا ابْن أُخْت فَمن أجَاز الْإِمَامَة فِي غير هَؤُلَاءِ جوزها فِي هَؤُلَاءِ وَمن منعهَا من غير قُرَيْش منعهَا من الحيف وَالْمولى وَابْن الْأُخْت فَإِذا صَحَّ الْبُرْهَان بِأَن لَا يكون إِلَّا فِي قُرَيْش لَا فِيمَن لَيْسَ قرشياً صَحَّ بِالْإِجْمَاع أَن حَلِيف قُرَيْش مَوْلَاهُم وَابْن أختهم كَحكم من لَيْسَ قرشياً وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَقَالَ قوم أَن اسْم الْإِمَامَة قد يَقع على الْفَقِيه الْعَالم وعَلى مُتَوَلِّي الصَّلَاة بِأَهْل مَسْجِد مَا قُلْنَا نعم لَا يَقع على هَؤُلَاءِ إِلَّا بِالْإِضَافَة لَا بِالْإِطْلَاقِ فَيُقَال فلَان إِمَام فِي الدّين وَإِمَام بني فلَان فَلَا يُطلق لأَحَدهم اسْم الْإِمَامَة بِلَا خلاف من أحد من الْأمة إِلَّا على الْمُتَوَلِي لأمور أهل الْإِسْلَام فَإِن قَالَ قَائِل بِأَن اسْم الْإِمَارَة وَاقع بِلَا خلاف على من ولي جِهَة من جِهَات الْمُسلمين وَقد سمي بالأمارة كل من ولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِهَة من الْجِهَات أَو سَرِيَّة أَو جَيْشًا وولاه مُؤمنُونَ فَمَا الْمَانِع من أَن يُوقع على كل وَاحِد اسْم أَمِير الْمُؤمنِينَ فجوابنا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَن الْكَذِب محرم بِلَا خلاف وكل مَا ذكرنَا قَائِما فَهُوَ أَمِير لبَعض