لكل أمة عَملهَا إِلَّا وجود من يعْتَقد هَذَا الْأَقْوَال السخيفة لَكَانَ أقوى حجَّة وأوضح برهَان وَإِلَّا فَمَا خلق الله عقلا يسع فِيهِ مثل هَذِه الحماقات وَالْحَمْد لله على عَظِيم مِنْهُ علينا وَهُوَ المسؤول مِنْهُ دوامها بمنه آمين
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأَيْضًا فَلَو كَانَ الْأَمر فِي الْإِمَامَة على مَا يَقُول هَؤُلَاءِ السخفاء لما كَانَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي سَعَة من أَن يُسَلِّمهَا لمعاوية رَضِي الله عَنهُ فيعينه على الضلال وعَلى إبِْطَال الْحق وَهدم الدّين فَيكون شَرِيكه فِي كل مظْلمَة وَيبْطل عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُوَافِقهُ على ذَلِك الْحُسَيْن أَخُوهُ رَضِي الله عَنْهُمَا فَمَا نقض قطّ بيعَة مُعَاوِيَة إِلَى أَن مَاتَ فَكيف اسْتحلَّ الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا إبِْطَال عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِمَا طائعين غير مكرهين فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَة قَامَ الْحُسَيْن يطْلب حَقه إِذْ رأى أَنَّهَا بيعَة ضَلَالَة فلولا أَنه رأى بيعَة مُعَاوِيَة حَقًا لما سلمهَا لَهُ ولفعل كَمَا فعل بِيَزِيد إِذْ ولي يزِيد هَذَا مَا لَا يمتري فِيهِ ذُو إنصاف هَذَا وَمَعَ الْحسن أَزِيد من مائَة ألف عنان يموتون دون فتالله لَوْلَا أَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ علم أَنه فِي سَعَة من إسْلَامهَا إِلَى مُعَاوِيَة وَفِي سَعَة من أَن لَا يُسَلِّمهَا لما جمع بَين الْأَمريْنِ فَأَمْسكهَا سِتَّة أشهر لنَفسِهِ وَهِي حَقه وَسلمهَا بعد ذَلِك لغير ضَرُورَة وَذَلِكَ لَهُ مُبَاح بل هُوَ الْأَفْضَل بِلَا شكّ لِأَن جده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خطب بذلك على الْمِنْبَر بِحَضْرَة الْمُسلمين وأراهم الْحسن مَعَه على الْمِنْبَر وَقَالَ أَن ابْني هَذَا لسَيِّد وَلَعَلَّ الله أَن يصلح بِهِ بَين طائفتين عظيمتين من الْمُسلمين روينَاهُ من طَرِيق البُخَارِيّ حَدثنَا صَدَقَة أَنبأَنَا ابْن عُيَيْنَة أَنا مُوسَى أَنا الْحسن سمع أَبَا بكرَة يَقُول أَنه سمع ذَلِك وشهده من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا من أَعْلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإنذاره بالغيوب الَّتِي لَا تعلم الْبَتَّةَ إِلَّا بِالْوَحْي وَلَقَد امْتنع زِيَاد وَهُوَ فقعة (١) القاع لَا عشيرة وَلَا نسب وَلَا سَابِقَة وَلَا قدم فَمَا أطاقه مُعَاوِيَة إِلَّا بالمداراة حَتَّى أرضاه وولاه فَإِن ادعوا أَنه قد كَانَ فِي ذَلِك عِنْد الْحسن عهد فقد كفرُوا لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَأْمر أحدا بالعيون على إطفاء نور الْإِسْلَام بالْكفْر وعَلى نقض عهود الله تَعَالَى بِالْبَاطِلِ عَن غير ضَرُورَة وَلَا إِكْرَاه وَهَذِه صفة الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا عِنْد الروافض وَاحْتج بعض الإمامية وَجَمِيع الزيدية بِأَن عليا كَانَ أَحَق النَّاس بِالْإِمَامَةِ لبينونة فَضله على جَمِيعهم ولكثرة فضائله دونهم
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا يَقع الْكَلَام فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْكَلَام فِي المفاضلة بَين أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن الْكَلَام هَاهُنَا فِي الْإِمَامَة فَقَط فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق هبكم أَنكُمْ وجدْتُم لعَلي رَضِي الله عَنهُ فَضَائِل مَعْلُومَة كالسبق إِلَى الْإِسْلَام وَالْجهَاد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسعة الْعلم والزهد فَهَل وجدْتُم مثل ذَلِك لِلْحسنِ وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا حَتَّى أوجبتهم لَهما بذلك فضلا فِي شَيْء مِمَّا ذكرنَا على سعد بن أبي وَقاص وَسيد بن زيد