دَلِيلا على أَنه ألاوهم بِالْإِمَامَةِ والخلافة على الْأُمُور وَقَالَ بَعضهم لَا وَلَكِن كَانَ ابينهم فضلا فقدموه لذَلِك وَقَالَت طَائِفَة بل نَص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على اسْتِخْلَاف أبي بكر بعده على أُمُور النَّاس نصا جلياً
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَبِهَذَا نقُول لبراهين أَحدهَا أطباق النَّاس كلهم وهم الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضواناً وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون} فقد أصفق هَؤُلَاءِ الَّذين شهد الله لَهُم بِالصّدقِ وَجَمِيع إخْوَانهمْ من الْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم على أَن سموهُ خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمعنى الْخَلِيفَة فِي اللُّغَة هُوَ الَّذِي يستخلفه لَا الَّذِي يخلفه دون أَن يستخلفه هُوَ لَا يجوز غير هَذَا الْبَتَّةَ فِي اللُّغَة بِلَا خلاف تَقول اسْتخْلف فلَان فلَانا يستخلفه فَهُوَ خَلِيفَته ومستخلفه فَإِن قَامَ مَكَانَهُ دون أَن يستخلفه هُوَ لم يقل إِلَّا خلف فلَان فلَانا يخلفه فَهُوَ خَالف ومحال أَن يعنوا بذلك الِاسْتِخْلَاف على الصَّلَاة لوَجْهَيْنِ ضرورين أَحدهمَا أَنه لَا يسْتَحق أَبُو بكر هَذَا الِاسْم على الْإِطْلَاق فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حِينَئِذٍ خَلِيفَته على الصَّلَاة فصح يَقِينا أَن خِلَافَته الْمُسَمّى هُوَ بهَا هِيَ غير خِلَافَته على الصَّلَاة وَالثَّانِي أَن كل من اسْتَخْلَفَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَيَاته كعلي فِي غَزْوَة تَبُوك وَابْن أم مَكْتُوم فِي غَزْوَة الخَنْدَق وَعُثْمَان بن عَفَّان فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع وَسَائِر من اسْتَخْلَفَهُ على الْبِلَاد بِالْيمن والبحرين والطائف وَغَيرهَا لم يسْتَحق أحد مِنْهُم قطّ بِلَا خلاف من أحد من الْأمة أَن يُسمى خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْإِطْلَاق فصح يَقِينا بِالضَّرُورَةِ الَّتِي لَا محيد عَنْهَا أَنَّهَا للخلافة بعده على أمته وَمن الْمُمْتَنع أَن يجمعوا على ذَلِك وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَام لم يستخلفه نصا وَلَو لم يكن هَا هُنَا إِلَّا استخلافه إِيَّاه على الصَّلَاة مَا كَانَ أَبُو بكر أولى بِهَذِهِ التَّسْمِيَة من غَيره مِمَّن ذكرنَا وَهَذَا برهَان ضَرُورِيّ نعارض بِهِ جَمِيع الْخُصُوم وَأَيْضًا فَإِن الرِّوَايَة قد صحت بِأَن امْرَأَة قَالَت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت أَن رجعت وَلم أجدك كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْت قَالَ فأت أَبَا بكر وَهَذَا نَص جلي على اسْتِخْلَاف أبي بكر وَأَيْضًا فَإِن الْخَبَر قد جَاءَ من الطّرق الثَّابِتَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ عَلَيْهِ السَّلَام لقد هَمَمْت أَن أبْعث إِلَى أَبِيك وأخيك فَاكْتُبْ كتابا وأعهد عهدا لكيلا يَقُول قَائِل أَنا أَحَق أَو يتَمَنَّى متمن ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر وَرُوِيَ أَيْضا ويأبي الله والببون إِلَّا أَبَا بكر فَهَذَا نَص جلي على استخلافه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَبَا بكر على ولَايَة الْأمة بعده
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلَو أننا نستجيز التَّدْلِيس وَالْأَمر الَّذِي لَو ظفر بِهِ خصومنا طاروا بِهِ فَرحا أَو ابلسوا أسفا لاحتججنا بِمَا روى افْتَدَوْا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلكنه لم يَصح ويعيذنا الله من الِاحْتِجَاج بِمَا لَا يَصح
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَاحْتج من قَالَ لم يسْتَخْلف رَسُول الله صلى الله علبه وَسلم بالْخبر الْمَأْثُور عَن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه أَنه قَالَ أَن اسْتخْلف فقد اسْتخْلف من هُوَ خير مني يَعْنِي أَبَا بكر وَأَن لَا اسْتخْلف فَلم يسْتَخْلف من هُوَ خير مني يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِمَا روى عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَمن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخلفاً لَو اسْتخْلف فَمن الْمحَال أَن يُعَارض الْإِجْمَاع من الصَّحَابَة الَّذِي ذكرنَا والأثران الصحيحان المسندان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَفظه بِمثل هذَيْن الأثرين الموقوفين على عمر وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا