الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَكَان أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم قُلْنَا مَكَان إِبْرَاهِيم أَعلَى بِلَا شكّ وَلَكِن ذَلِك الْمَكَان اخْتِصَاص مُجَرّد لإِبْرَاهِيم الْمَذْكُور لم يسْتَحقّهُ بِعَمَل وَلَا اسْتحق أَيْضا أَن يقصر بِهِ عَنهُ ومواضيع هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين جَزَاء لَهُم على قدر فَضلهمْ وسوابقهم وَكَذَلِكَ نساؤه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكانهم جَزَاء لَهُنَّ على قدر فضلهن وسوابقهن فَلَا يُقَال إِن إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من أبي بكر أَو عمر وَلَا يُقَال أَيْضا أَن أَبَا بكر وَعمر أفضل من إِبْرَاهِيم والمفاضلة وَاقعَة بَين الصَّحَابَة وَبَين نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أَعْمَالهم وسوابقهم لَهَا مَرَاتِب متناسبة بِلَا شكّ فَإِن قَالَ قَائِل أَنَّهُنَّ لَوْلَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حصلن تِلْكَ الدرجَة وَإِنَّمَا تِلْكَ الدرجَة لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام قُلْنَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق نعم وَلَا شكّ أَيْضا فِي أَن جَمِيع الصَّحَابَة لَوْلَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حصلوا على الدرج الَّتِي لَهُم فِيهَا فَإِنَّمَا هِيَ إِذْ على قَوْلكُم لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قُلْتُمْ وَلَا فرق وَبَقِي الْفضل والتقدم لَهُنَّ كَمَا كَانَ فِي كل ذَلِك وَلَا فرق
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأما فضلهن على بَنَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبين بِنَصّ الْقُرْآن لَا شكّ فِيهِ قَالَ الله عز وَجل {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء أَن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل} فَهَذَا بَيَان قَاطع لَا يسع أحدا جَهله فَإِن عَارَضنَا معَارض يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير نسائها فَاطِمَة بنت مُحَمَّد قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فِي هَذَا الحَدِيث بَيَان جلي لما قُلْنَا وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لم يقل خير النِّسَاء فَاطِمَة وَإِنَّمَا قَالَ خير نسائها فَخص وَلم يعم وتفضيل الله عز وَجل النِّسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النِّسَاء على عُمُوم وَلَا خُصُوص لَا يجوز أَن يَسْتَثْنِي مِنْهُ أحدا من اسْتثِْنَاء نَص آخر فصح أَنه عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا فضل فَاطِمَة على نسَاء الْمُؤمنِينَ بعد نِسَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتفقت الْآيَة مَعَ الحَدِيث وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام فَهَذَا أَيْضا عُمُوم موفق الْآيَة وَوَجَب أَن يَسْتَثْنِي مَا خصّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله نسائها من هَذَا الْعُمُوم فصح أَن نِسَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَام مَا خصّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله نسائها من هَذَا الْعُمُوم فصح أَن نِسَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَام افضل النِّسَاء جملَة حاشا اللواتي خصهن الله تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ كَأُمّ إِسْحَاق وَأم مُوسَى وَأم عِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام وَقد نَص الله تَعَالَى على هَذَا بقوله الصَّادِق {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء كل نَبِي مِنْهُم أفضل مِمَّن لَيْسَ نَبِي من سَائِر النَّاس وَمن خَالف هَذَا فقد كفر وَكَذَلِكَ أخبر عَلَيْهِ السَّلَام فَاطِمَة أَنَّهَا سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ وَلم يدْخل نَفسه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْجُمْلَة بل أخبر عَمَّن سواهُ وبرهان آخر وَهُوَ قَول الله تَعَالَى مُخَاطبا لَهُنَّ {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ}
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَهَذَا فضل ظَاهر وَبَيَان لائح فِي أَنَّهُنَّ أفضل من جَمِيع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وبهذه الْآيَة صِحَة متيقنة لَا يمتري فِيهَا مُسلم فَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَفَاطِمَة وَسَائِر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم إِذا عمل الْوَاحِد مِنْهُم عملا يسْتَحق عَلَيْهِ مِقْدَارًا مَا من الْأجر وعملت امْرَأَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك الْعَمَل بِعَيْنِه كَانَ لَهَا مثل ذَلِك الْمِقْدَار من الْأجر فَإِذا كَانَ نصيف الصحابى وَفَاطِمَة رَضِي الله عَنْهُم بفي بِأَكْثَرَ من مثل جبل أحد ذَهَبا مِمَّن بعده كَانَ للْمَرْأَة من نِسَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَام فِي نصيفها أَكثر من مَلِيء جبلين اثْنَيْنِ مثل جبل أحد ذَهَبا وَهَذِه فَضِيلَة لَيست لأحد بعد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام إِلَّا هن وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى