للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بَاب التَّفَاضُل فِي ورد وَلَا صدر لَكِن نقف فِيهَا عِنْدَمَا حَده النَّص فَقَط وَلَا شكّ عِنْد كل مُسلم فِي أَن صواحبه من نِسَائِهِ وَبنَاته عَلَيْهِم السَّلَام كخديجة وَعَائِشَة وَفَاطِمَة وَأم سَلمَة أفضل دينا ومنزلة عِنْد الله تَعَالَى من كل تَابع أَتَى بعدهن وَمن كل رجل يَأْتِي فِي هَذِه الْأمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَبَطل الِاعْتِرَاض بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور وَصَحَّ أَنه على مَا فسرناه وبيناه وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأَيْضًا فَقَوْل الله تَعَالَى {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء} مخرج لَهُنَّ عَن سَائِر النِّسَاء فِي كل مَا اعْترض بِهِ معترض مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَشبهه

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَإِن اعْترض معترض بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا مَرْيَم بنت عمرَان وَامْرَأَة فِرْعَوْن فَإِن هَذَا الْكَمَال إِنَّمَا هُوَ الرسَالَة والبوة الَّتِي انْفَرد بهَا الرِّجَال وشاركهم بعض النِّسَاء فِي النُّبُوَّة وَقد يتفاضلون أَيْضا فِيهَا فَيكون بعض الْأَنْبِيَاء أكمل بعض وَيكون بعض الرُّسُل أكمل من بعض قَالَ الله عز وَجل {تِلْكَ الرُّسُل فضلنَا بَعضهم على بعض مِنْهُم من كلم الله وَرفع بَعضهم دَرَجَات} فَإِنَّمَا ذكر فِي هَذَا الْخَبَر من بلغ غَايَة الْكَمَال فِي طبقته وَلم يتقدمه مِنْهُم أحد وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن اعْترض معترض بقوله عَلَيْهِ السَّلَام لَا يفلح قوم أسندوا أَمرهم إِلَى امْرَأَة فَلَا حَاجَة لَهُ فِي ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ امْتنَاع الْولَايَة فِيهِنَّ بِمُوجب لَهُنَّ نقص الْفضل فقد علمنَا أَن ابْن مَسْعُود وبلالا وَزيد ابْن حَارِثَة رَضِي الله عَنْهُم لم يكن لَهُم حَظّ فِي الْخلَافَة وَلَيْسَ بِمُوجب أَن يكون الْحسن وَابْن الزبير وَمُعَاوِيَة أفضل مِنْهُم والخلافة جَائِزَة لهَؤُلَاء غير جَائِزَة لأولئك وَمِنْهُم فِي الْفضل مَا لَا يجهله الْمُسلم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأما أفضل نِسَائِهِ فعائشة وَخَدِيجَة رَضِي الله عَنْهُمَا لعظم فضائلهما وإخباره عَلَيْهِ السَّلَام أَن عَائِشَة أحب النَّاس إِلَيْهِ وَأَن فَضلهَا على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام وَقد ذكر عَلَيْهِ السَّلَام خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ أفضل نسائهما مَرْيَم بنت عمرَان وَأفضل نسائها خَدِيجَة بنت خويلد مَعَ سَابِقَة خَدِيجَة فِي الْإِسْلَام وثباتها رَضِي الله عَنْهَا ولأم سَلمَة وَسَوْدَة وَزَيْنَب بنت جحش وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة وَحَفْصَة سوابق فِي الْإِسْلَام عَظِيمَة وأحمال للمشقات فِي الله عز وَجل وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْهجْرَة والغربة عَن الوطن وَالدُّعَاء إِلَى الْإِسْلَام وَالْبَلَاء فِي الله عز وَجل وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكهن بعد ذَلِك الْفضل الْمُبين رضوَان الله عَلَيْهِنَّ أَجْمَعِينَ

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذِه مَسْأَلَة نقطع فِيهَا أننا الْمُحَقِّقُونَ عِنْد الله عز وَجل وَأَن من خَالَفنَا فِيهَا مخطيء عِنْد الله عز وَجل بِلَا شكّ وَلَيْسَت مِمَّا يسع الشَّك فِيهِ أصلا

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَإِن قَالَ قَائِل هَل قَالَ هَذَا أحكم قبلكُمْ قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَهل قَالَ غير هَذَا أحد قبل من يخالفنا الْآن وَقد علمنَا ضَرُورَة أَن لِنسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منزلَة من الْفضل بِلَا شكّ فَلَا بُد من الْبَحْث عَنْهَا فَلْيقل مخالفنا فِي أَي منزلَة نضعهن أبعد جَمِيع الصَّحَابَة كلهم فَهَذَا مَالا يَقُوله أحد أم بعد طَائِفَة مِنْهُم فَعَلَيهِ الدَّلِيل وَهَذَا مَا لَا سَبِيل لَهُ إِلَى وجوده وَإِذ قد بَطل هَذَانِ الْقَوْلَانِ أَحدهمَا بِالْإِجْمَاع على أَنه بَاطِل وَالثَّانِي لِأَنَّهُ دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا وَلَا برهَان فَلم يبْق إِلَّا قَوْلنَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين الْمُوفق للصَّوَاب بفضله ثمَّ نقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين قد صَحَّ أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ خطب النَّاس حِين ولي بعد موت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِنِّي وليتكُمْ وَلست بِخَيْرِكُمْ فقد صَحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>