للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَاني الدُّنْيَا نفسا مِمَّن أَخذ مِنْهَا مَا أُبِيح لَهُ أَخذه فصح بالبرهان الضَّرُورِيّ أَن أَبَا بكر أوهد من جَمِيع الصَّحَابَة ثمَّ عمر بن الْخطاب بعده وَقَالَ هَذَا الْقَائِل وَكَانَ عَليّ أَكْثَرهم صَدَقَة

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذِه مجاهرة بِالْبَاطِلِ لِأَنَّهُ لم يحفظ لعَلي مُشَاركَة ظَاهِرَة بِالْمَالِ وَأما أَمر أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِي إِنْفَاق مَاله فِي سَبِيل الله عز وَجل فأشهر من أَن تخفى على الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَكيف على الْمُسلمين ثمَّ لعُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْمَعْنى من تجهيز جَيش الْعسرَة مَا لَيْسَ لغيره فصح أَن أَبَا بكر أعظم صَدَقَة وَأكْثر مُشَاركَة وغناء (٢) فِي الْإِسْلَام بِمَالِه من عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَقَالُوا عَليّ هُوَ السَّابِق إِلَى الْإِسْلَام وَلم يعبد قطّ وثنا

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) أما السَّابِقَة فَلم يقل قطّ أحد يعْتد بِهِ أَن عليا مَاتَ وَله أَكثر من ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَمَات بِلَا شكّ سنة أَرْبَعِينَ من الْهِجْرَة فصح أَنه كَانَ حِين هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن ثَلَاث وَعشْرين سنة وَكَانَت مُدَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فِي النُّبُوَّة ثَلَاث عشرَة سنة فَبعث عَلَيْهِ السَّلَام ولعلي عشرَة أَعْوَام فإسلام ابْن عشرَة أَعْوَام ودعاؤه إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ كتدريب الْمَرْء وَلَده الصَّغِير على الدّين لَا أَن عِنْده غناء وَلَا أَن عَلَيْهِ إِثْمًا إِن أَبى فَإِن أَخذ الْأَمر على قَول من قَالَ أَن عليا مَاتَ وَله ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة فَإِنَّهُ كَانَ إِذْ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن خَمْسَة أَعْوَام وَكَانَ إِسْلَام ابي بكر بن ثَمَان وَثَلَاثِينَ سنة وَهُوَ الْإِسْلَام الْمَأْمُور بِهِ من عِنْد الله عز وَجل وَأما من لم يبلغ الْحلم فَغير مُكَلّف وَلَا مُخَاطب فسابقة أبي بكر وَعمر بِلَا شكّ أسبق من سَابِقَة عَليّ وَأما عمر فَإِنَّهُ كَانَ إِسْلَامه تَأَخّر بعد الْبَعْث بِسِتَّة أَعْوَام فَإِن غنآءه كَانَ أَكثر من غنآء أَكثر من أسلم قبله وَلم يبلغ على حد التَّكْلِيف إِلَّا بعد أَعْوَام من مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد أَن أسلم كثير من الصَّحَابَة رجال وَنسَاء بعد أَن عذبُوا فِي الله تَعَالَى ولقوا فِيهِ الألاقي (٣) وَأما كَونه لم يعبد وثناً فَنحْن وكل مَوْلُود فِي لإسلام لم يعبد قطّ وثناً وعمار والمقداد وسلمان وَأَبُو ذَر وَحَمْزَة وجعفر رَضِي الله عَنْهُم قد عبدُوا الْأَوْثَان أفترانا أفضل مِنْهُم من أجل ذَلِك معَاذ الله من هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَقُوله مُسلم فَبَطل أَن يكون هَذَا يُوجب لعَلي فضلا زَائِدا وَإِلَّا لكَانَتْ عَائِشَة سَابِقَة لعَلي رَضِي الله عَنْهُمَا فِي هَذَا الْفضل لِأَنَّهَا كَانَت إِذْ هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنت ثَمَانِي سِنِين وَأشهر وَلم تولد إِلَّا بعد إِسْلَام أَبِيهَا بسنين وَعلي ولد وَأَبوهُ عَابِد وثن قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسنين وَعبد الله بن عمر أَيْضا أسلم أَبوهُ وَله أَربع سِنِين وَلم يعبد قطّ وثناً فَهُوَ شريك لعَلي فِي هَذِه الْفَضِيلَة وَقَالَ بَعضهم عَليّ كَانَ أسوسهم

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا بَاطِل لَا خَفَاء بِهِ على مُؤمن وَلَا كَافِر فقد دري الْقَرِيب والبعيد والعالم وَالْجَاهِل وَالْمُؤمن وَالْكَافِر من سَائِر الْإِسْلَام إِذْ كفر من كفر من أهل الأَرْض بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذ عَن الْجَمِيع للبقية وَقبُول مَا دعت إِلَيْهِ الْعَرَب حاشا أَبَا بكر فَهَل ثَبت أحد ثبات أبي بكر على كلب الْعَدو وَشدَّة الْخَوْف حَتَّى دخلُوا فِي الْإِسْلَام أَفْوَاجًا كَمَا خَرجُوا مِنْهُ أَفْوَاجًا وأعطوا الزَّكَاة طائعين وكارهين وَلم تهله جموعهم وَلَا تضافرهم وَلَا قلَّة أهل الْإِسْلَام حَتَّى أنار الله الْإِسْلَام وأظهره ثمَّ هَل ناطح كسْرَى وَقَيْصَر على أسرة

<<  <  ج: ص:  >  >>