ملكهَا حَتَّى أخضع حُدُود فَارس وَالروم وصرع جنودهم ونكس راياتهم وَظهر الْإِسْلَام فِي أقطار الأَرْض وذل الْكفْر وَأَهله وشبع جَائِع الْمُسلمين وَعز ذليلهم وَاسْتغْنى فقيرهم وصاروا إخْوَة لَا اخْتِلَاف بَينهم وقرؤا الْقُرْآن وتفقهوا فِي الدّين إِلَّا أَبُو بكر ثمَّ ثنى عمر ثمَّ ثنى عمر ثمَّ ثلث عُثْمَان ثمَّ لاقدر أَي النَّاس خلاف ذَلِك كُله وافتراق كلمة الْمُؤمنِينَ وَضرب الْمُسلمين بَعضهم وُجُوه بعض بِالسُّيُوفِ وَشَكتْ بَعضهم قُلُوب بعض بِالرِّمَاحِ وَقتل بَعضهم من بعض عشرات الألوف وشغلهم بذلك عَن أَن يفتح من بِلَاد الْكفْر قَرْيَة أَو يذعر لَهُم سرب أَو يُجَاهد مِنْهُم أحد حَتَّى ارتجع أهل الْكفْر كثيرا مِمَّا صَار بأيدي الْمُسلمين من بِلَادهمْ فَلم يجْتَمع الْمُسلمُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأَيْنَ سياسة من سياسة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَإذْ قد بَطل كل مَا ادَّعَاهُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّال وَلم يحصلوا إِلَى على دعاوي ظَاهِرَة الْكَذِب لَا دَلِيل على صِحَة شَيْء مِنْهَا وَصَحَّ بالبرهان كَمَا أوردنا أَن أَبَا بكر هُوَ الَّذِي فَازَ بالقدح الْمُعَلَّى والمسبق المبرز والحظ الْأَسْنَى فِي الْعلم وَالْقُرْآن وَالْجهَاد والزهد وَالتَّقوى والخشية وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق والمشاركة وَالطَّاعَة والسياسة فَهَذِهِ وُجُوه الْفضل كلهَا فَهُوَ بِلَا شكّ أفضل من جَمِيع الصَّحَابَة كلهم بعد نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلم يحْتَج عَلَيْهِم بالأحاديث لأَنهم لَا يصدقون أحاديثنا وَلَا نصدق أَحَادِيثهم إِنَّمَا اقتصرنا على الْبَرَاهِين الضرورية بِنَقْل الكواف فَإِن كَانَت الْإِمَامَة تسْتَحقّ بالتقدم فِي الْفضل فَأَبُو بكر أَحَق النَّاس بهَا بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقِينا فَكيف وَالنَّص على خِلَافَته صَحِيح وَإِذ قد صحت إِمَامَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فطاعته فرض فِي استخلافه عمر رَضِي الله عَنهُ فَوَجَبت إِمَامَة عمر فرضا بِمَا ذكرنَا وبإجماع أهل الْإِسْلَام عَلَيْهِمَا دون خلاف من أحد قطعا ثمَّ أَجمعت الْأمة كلهَا أَيْضا بِلَا خلاف من أحد مِنْهُم على صِحَة إِمَامَة عُثْمَان والدينونة بهَا وَأما خلَافَة عَليّ فَحق لَا بِنَصّ وَلَا بِإِجْمَاع لَكِن ببرهان سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله فِي الْكَلَام فِي حروبه
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَمن فَضَائِل أَبَا بكر الْمَشْهُورَة قَوْله عز وَجل {إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا} فَهَذِهِ فَضِيلَة منقولة بِنَقْل الكافة لَا خلاف بَين أحد فِي أَنه أَبُو بكر فَأوجب الله تَعَالَى لَهُ فَضِيلَة الْمُشَاركَة فِي إِخْرَاجه مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَنه خصّه باسم الصُّحْبَة لَهُ وَبِأَنَّهُ ثَانِيه فِي الْغَار وَأعظم من ذَلِك كُله أَن الله مَعَهُمَا وَهَذَا مَا لَا يلْحقهُ فِيهِ أحد
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَاعْترضَ فِي هَذَا بعض أهل القحة فَقَالَ قد قَالَ الله عز وَجل {فَقَالَ لصَاحبه وَهُوَ يحاوره أَنا أَكثر مِنْك مَالا} قَالَ وَقد حزن أَبُو بكر فَنَهَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَلَو كَانَ حزنه رضَا لله عز وَجل لما نَهَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم