للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الدَّهْر فَإِنَّهُ مخلد بَين أطباق النيرَان أبدا مَعَ فِرْعَوْن وَأب وَأبي جهل

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فَأَي كفر أعجب من قَول من يَقُول أَن كثيرا من الْكفَّار لَا يدْخلُونَ النَّار وَإِن كثيرا من الْمُسلمين لَا يدْخلُونَ الْجنَّة وَكَانَ ثُمَامَة يَقُول إِن إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَمِيع أَولا د الْمُسلمين الَّذين يموتون قبل الْحلم وَجَمِيع مجانين الْإِسْلَام لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أبدا لَكِن يصيرون تُرَابا وَأما هِشَام بن عَمْرو الفوطي أحد شُيُوخ الْمُعْتَزلَة فَكَانَ يَقُول إِذا خلق الله تَعَالَى شَيْئا فَإِنَّهُ لَا يقدر على أَن يخلق مثل ذَلِك الشَّيْء أبدا لَكِن الله يقدر على أَن يخلق غَيره والغير أَن عِنْده لَا يكونَانِ مثلين وَكَانَ لَا يُجِيز لأحد أَن يَقُول حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَلَا أَن الله يعذب الْكفَّار بالنَّار وَلَا أَنه يحيي الأَرْض بالمطر ويروي هَذَا القَوْل وَالْقَوْل بِأَن الله تَعَالَى يضل من يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء ضلالا وإلحاداً

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا رد على الله جهاراً وَكَانَ يَقُول لَا يحل القَوْل بِشَيْء من هَذَا إِلَّا عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن فَقَط وَكَانَ يَقُول قُولُوا حَسبنَا الله وَنعم المتَوَكل عَلَيْهِ وَكَانَ يَقُول أَن الله يعذب الْكفَّار فِي النَّار ويحي الأَرْض عِنْد نزُول الْمَطَر وَكَانَ لَا يُجِيز القَوْل بِأَن الله ألف بَين قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَلَا أَن الْقُرْآن عَمَّا على الْكَافرين وَكَانَ يَقُول أَن من هُوَ الْآن مُؤمن عَابِد إِلَّا أَن فِي علم الله أَنه يَمُوت كَافِر فَإِنَّهُ الْآن عِنْد الله كَافِر وَإِن من كَانَ كَافِرًا مجوسياً أَو نَصْرَانِيّا أَو دهرياً أَو زنديقاً إِلَّا أَن فِي علم الله عز وَجل إِنَّه يَمُوت مُؤمنا فَإِنَّهُ الْآن عِنْد الله مُؤمن وَأما عباد بن سُلَيْمَان تلميذ الفوطي الْمَذْكُور فَكَانَ يزْعم أَن الله تَعَالَى لَا يقدر على غير مَا فعل من الصّلاح وَلَا يجوز أَن يُقَال إِن الله تَعَالَى خلق الْمُؤمنِينَ وَلَا أَنه خلق الْكَافرين وَلَكِن يُقَال خلق النَّاس وَذَلِكَ زعم لِأَن الْمُؤمن عِنْده إِنْسَان وإيمان وَالْكَافِر إِنْسَان وَكفر وَأَن الله تَعَالَى إِنَّمَا خلق عِنْده الْإِنْسَان فَقَط وَلم يخلق الْإِيمَان وَلَا الْكفْر وَكَانَ يَقُول أَن الله تَعَالَى لَا يقدر على أَن يخلق غير مَا خلق وَأَنه تَعَالَى لم يخلق المجاعة وَلَا الْقَحْط وَكلهمْ بزعم أَن الله تَعَالَى لم يَأْمر الْكفَّار قطّ بِأَن يُؤمنُوا فِي حَال كفرهم وَلَا نهى الْمُؤمنِينَ قطّ عَن الْكفْر فِي حَال إِيمَانهم لِأَنَّهُ لَا يقدر أحد قطّ على الْجمع بَين الْفِعْلَيْنِ المتضادين

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وهم مقرون أَن الله تَعَالَى لم يزل يعلم أَن من يُؤمن بعد كفره فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي كفره إِلَى أَن يُؤمن وَإِن من يكفر بعد إيمَانه فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي إيمَانه حَتَّى يكفروا وَأَن من لَا يُؤمن من الْكفَّار أبدا فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي كفره إِلَى أَن يَمُوت وَأَن من لَا يكفر من الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ لَا يزَال فِي إيمَانه إِلَى أَن يَمُوت وَلَيْسَ أحد من المأمورين يخرج عَن أحد هَذِه الْوُجُوه الْأَرْبَعَة ضَرُورَة فَإِذا كَانَ عِنْدهم لم يُؤمر قطّ كَافِر بِالْإِيمَان فِي حَال كفره وَلَا نهى مُؤمن عَن الْكفْر فِي حَال إيمَانه فَإِنَّهُ من لم يزل مُؤمنا إِلَى أَن مَاتَ لم يَنْهَهُ الله عز وَجل عَن الْكفْر قطّ وَإِن من لم يزل كَافِرًا إِلَى أَن مَاتَ فَإِن الله لم يَأْمُرهُ قطّ بِالْإِيمَان وَأَن الله تَعَالَى لم يَأْمر قطّ بِالْإِيمَان وَمن لم يزل كَافِرًا إِلَى أَن مَاتَ فَإِن الله تَعَالَى لم يَأْمُرهُ قطّ بِالْإِيمَان وَأَن الله تَعَالَى لم يَأْمر قطّ بِالْإِيمَان من آمن بعد كفره إِلَّا حِين آمن وَلَا نهى قطّ عَن الْكفْر من كفر بعد إيمَانه إِلَّا حِين كفر وَهَذَا تَكْذِيب مُجَرّد لله تَعَالَى فِي أمره الْكفَّار وَأهل الْكتاب بِالْإِيمَان ونهبه الْمُؤمنِينَ عَن الْكفْر وَكَانَ بشر بن الْمُعْتَمِر أَيْضا يَقُول أَن الله تَعَالَى لم يخلق قطّ لوناً وَلَا طعماً وَلَا رَائِحَة وَلَا مجسة وَلَا شدَّة وَلَا ضعفا وَلَا عَمَّا وَلَا بصراً وَلَا سمعا وَلَا جبنا وَلَا شجاعة وَلَا كشفاً وَلَا عَجزا وَلَا صِحَة وَلَا مَرضا وَأَن النَّاس يَفْعَلُونَ كل ذَلِك فَقَط وَأما جَعْفَر القصبي

<<  <  ج: ص:  >  >>