بَايع الْقصب والأشج وهما من رُؤَسَائِهِمْ فَكَانَا يَقُولَانِ أَن الْقُرْآن لَيْسَ هُوَ فِي الْمَصَاحِف وَإِنَّمَا فِي الْمَصَاحِف شَيْء آخر وَهُوَ حِكَايَة الْقُرْآن
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا كفر مُجَرّد وَخلاف جَمِيع أهل الْإِسْلَام قَدِيما وحديثاً وَكَانَ على الأسواري الْبَصْرِيّ أحد شُيُوخ الْمُعْتَزلَة يَقُول إِن الله عز وَجل لَا يقدر على غير فعل مَا فعل وَإِن من علم الله تَعَالَى أَنه يَمُوت ابْن ثَمَانِينَ سنة فَإِن الله لَا يقدر على أَن يميته قبل ذَلِك وَلَا أَن يبقيه طرفَة عين بعد ذَلِك وَأَن من علم الله تَعَالَى من مَرضه يَوْم الْخَمِيس مَعَ الزَّوَال مثلا فَإِن الله تَعَالَى لَا يقدر على أَن يبريه قبل ذَلِك لَا بِمَا قرب وَلَا بِمَا بعد وَلَا على أَن يزِيد فِي مَرضه طرفَة عين فَمَا فَوْقهَا وَأَن النَّاس يقدرُونَ كل حِين على إماتة من علم الله أَن لَا يَمُوت إِلَّا وَقت كَذَا وَأَن الله لَا يقدر على ذَلِك وَهَذَا كفر مَا سمع قطّ بأفظع مِنْهُ وَأما أَبُو غفار أحد شُيُوخ الْمُعْتَزلَة فَكَانَ يزْعم أَن شَحم الْخِنْزِير ودماغه حَلَال
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا كفر صَرِيح لَا خَفَاء بِهِ وَكَانَ يزْعم أَن تفخيذ الرِّجَال الذُّكُور حَلَال وَقد ذكر هَذَا عَن ثُمَامَة أَيْضا وكل هَذَا كفر مَحْض وَأما أَحْمد ابْن خابط وَالْفضل الْحَرْبِيّ النصريان وَكَانَا تلميذين لإِبْرَاهِيم النظام فَكَانَا يزعمان أَن للْعَالم خالقين أَحدهمَا قديم وَهُوَ الله تَعَالَى وَالْآخر حَادث وَهُوَ كلمة الله عز وَجل الْمَسِيح عيس ابْن مَرْيَم الَّتِي بهَا خلق الْعَالم وَكَانَا لعنهما الله يطعنان على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالتَّزْوِيجِ وَأَن أَبَا ذَر كَانَ أزهد مِنْهُ وَكَانَ أَحْمد بن خابط يزْعم أَن الَّذِي يَجِيء بِهِ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ الْمَلَائِكَة صفا صفا فِي ظلل من الْغَمَام إِنَّمَا هُوَ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن الَّذِي خلق آدم على صورته إِنَّمَا هُوَ الْمَسِيح عيس ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن الْمَسِيح هُوَ الَّذِي يُحَاسب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ أَحْمد بن خابط لَعنه الله يَقُول إِن فِي كل نوع من أَنْوَاع الطير والسمك وَسَائِر حَيَوَان الْبر حَتَّى البق والبراغيث وَالْقمل والقرود وَالْكلاب والفيران والتيوس وَالْحمير والدود والوزغ والجعلان أَنْبيَاء الله تَعَالَى رِسَالَة إِلَى أنواعهم مِمَّا ذكرنَا من سَائِر الْأَنْوَاع وَكَانَ لَعنه الله يَقُول بالتناسخ والكرور وَأَن الله تَعَالَى ابتدا جَمِيع الْخلق فخلقهم كلهم جملَة وَاحِدَة بِصفة وَاحِدَة ثمَّ أَمرهم ونهاهم فَمن عصى مِنْهُم نسخ روحه فِي جَسَد بَهِيمَة فالعتال يبتلى بِالرِّيحِ كالغنم وَالْإِبِل وَالْبَقر والدجاج وَغير ذَلِك من البراغيث وكل مَا يقتل فِي الْأَغْلَب وَإِن من كَانَ مِنْهُم فِي فسقه وَقَتله للنَّاس عفيفاً كُوفِي بِالْقُوَّةِ على السفناد كالتيس والعصفور والكبش وَغير ذَلِك وَمن كَانَ زَانيا وزانية كوفيا بِالْمَنْعِ من الْجِمَاع كالبغال والبغلات وَمن كَانَ جباراً كُوفِي بالمهانة كالدود وَالْقمل وَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يقْتَصّ مِنْهُم ثمَّ يردون فَمن عصى مِنْهُم كرر أَيْضا كَذَلِك هَكَذَا أبدا حَتَّى يُطِيع طَاعَة لَا مَعْصِيّة مَعهَا فَينْتَقل إِلَى الْجنَّة من وقته أَو يَعْصِي مَعْصِيّة لَا طَاعَة مَعهَا فَينْتَقل إِلَى جَهَنَّم من وقته وَإِنَّمَا حمله على القَوْل بِكُل هَذَا لُزُومه أصل الْمُعْتَزلَة فِي الْعدْل وطرده إِيَّاه مَشْيه مَعَه وَاعْلَمُوا أَن كل من لم يقل من الْمُعْتَزلَة بِهَذَا القَوْل فَإِنَّهُ متناقض تَارِك لَا صلهم فِي الْعدْل وَكَانَ لَعنه الله يَقُول أَن للثَّواب دارين إِحْدَاهمَا لَا أكل فِيهَا وَلَا شرب وَهِي أرفع قدرا من الثَّانِيَة وَالثَّانيَِة فِيهَا أكل وَشرب وَهِي أنقص قدرا
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا كُله كفر مَحْض وَكَانَ لهَذَا الْكَافِر أَحْمد بن خابط تلميذ على مذْهبه يُقَال لَهُ أَحْمد بن سابوس كَانَ يَقُول بقول معلمه فِي التناسخ ثمَّ ادّعى النُّبُوَّة وَقَالَ أَنه المُرَاد بقول الله عز وَجل وَمُبشرا برَسُول يَأْتِي من بعدِي اسْمه أَحْمد وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الله بن مرّة