للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرَاهُم اخْتِيَار هَذَا القَوْل قَوْلهم الصَّحِيح أَن الْقُرْآن هُوَ المسموع من الْقُرْآن الْمَخْلُوط فِي الْمَصَاحِف نَفسه وَهَذَا قَول صَحِيح وَلَا يُوجب أَن يكون الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى على مَا قد بَينا فِي هَذَا الْبَاب وَفِي بَاب الْكَلَام فِي الْقُرْآن وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَإِنَّمَا الْعجب كُله مِمَّن قلب الْحق وَفَارق هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين حَيْثُ أَصَابُوا وحيت لَا يحل خلافهم وَتعلق بهم حَيْثُ وهموا من هَؤُلَاءِ المنتمين إِلَى الْأَشْعَرِيّ الْقَائِلين بِأَن الْقُرْآن لم ينزل قطّ إِلَيْنَا وَلَا سمعناه قطّ وَلَا نزل بِهِ جِبْرِيل على قلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن الَّذِي فِي الْمَصَاحِف هُوَ شَيْء آخر غير الْقُرْآن ثمَّ أتبعوا هَذِه الْكَفَرَة الصلعاء بِأَن قَالُوا إِن اسْم الله هُوَ الله وَأَنه لَيْسَ لله إِلَّا اسْم وَاحِد وكذبوا الله تَعَالَى وَرَسُوله فِي أَن لله أَسمَاء كَثِيرَة تِسْعَة وَتِسْعين ونعوذ بِاللَّه من الخذلان

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَلَو أَن إنْسَانا يُشِير إِلَى كتاب مَكْتُوب فِيهِ الله فَقَالَ هَذَا لَيْسَ رَبِّي وَأَنا كَافِر بِهَذَا لَكَانَ كَافِرًا وَلَو قَالَ هَذَا المداد لَيْسَ رَبِّي وَأَنا كَافِر بربوبية هَذَا الصَّوْت لَكَانَ صَادِقا وَهَذَا لَا يُنكر وَإِنَّمَا نقف حَيْثُ وقفنا قَالَ مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَحْمَة الله لم يبعد من الاستخفاف فَلَو قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد لَكَانَ محسناً وَلَو أَن إنْسَانا يذكر من أَبَوَيْهِ الْعُضْو المستور باسمه لَكَانَ عاقاً أَتَى كَبِيرَة وَإِن كَانَ صَادِقا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق

الْكَلَام فِي قضايا النُّجُوم وَالْكَلَام فِي هَل يعقل الْفلك والنجوم أم لَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّد زعم قوم أَن الْفلك والنجوم تعقل وَأَنَّهَا ترى وَتسمع وَلَا تذوق وَلَا تشم وَهَذِه دَعْوَى بِلَا برهَان وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ بَاطِل مَرْدُود عِنْد كل طَائِفَة بِأول الْعقل إِذْ لَيست أصح من دَعْوَى أُخْرَى تضادها وتعارضها وبرهان صِحَة الحكم بِأَن الْفلك والنجوم لَا تعقل أصلا هُوَ أَن حركتها أبدا على رُتْبَة وَاحِدَة لَا تتبدل عَنْهَا وَهَذِه صفة الجماد الْمُدبر الَّذِي لَا اخْتِيَار لَهُ فَقَالُوا الدَّلِيل على هَذِه أَن الْأَفْضَل لَا يخْتَار إِلَّا لأَفْضَل الْعَمَل فَقُلْنَا لَهُم وَمن أَيْن لكم بِأَن الْحَرَكَة أفضل من السّكُون الِاخْتِيَارِيّ لأننا وجدنَا الْحَرَكَة حركتين اختيارية واضطرارية وَوجدنَا السّكُون سكونين واضطرارياً فَلَا دَلِيل على أَن الْحَرَكَة الاختيارية أفضل من السّكُون الِاخْتِيَارِيّ ثمَّ من لكم بِأَن الْحَرَكَة الدورية أفضل من سَائِر الحركات يَمِينا ويسارا أوأمام أورواء ثمَّ من لكم بِأَن الْحَرَكَة من شَرق إِلَى غرب كَمَا يَتَحَرَّك الْفلك الْأَكْبَر أفضل من الْحَرَكَة من غرب إِلَى شَرق كَمَا تتحرك سَائِر الأفلاك وَجَمِيع الْكَوَاكِب فلاح أَن قَوْلهم مخرفة فَاسِدَة وَدَعوى كَاذِبَة مموهة وَقَالَ بَعضهم لما كُنَّا نَحن نعقل وَكَانَت الْكَوَاكِب تدبرنا كَانَت أولى بِالْعقلِ والحياة منا فَقُلْنَا هَاتَانِ دعوتان مجموعتان فِي نسق أَحدهمَا القَوْل بِأَنَّهَا تدبرنا فَهِيَ دَعْوَى كَاذِبَة بِلَا برهَان على مَا ذكره بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالثَّانِي الحكم بِأَن من تدبرنا أَحَق بِالْعقلِ والحياة منا فقد وجدنَا التَّدْبِير يكون طبيعياً وَيكون اختيارياً فَلَو صَحَّ أَنَّهَا تدبرنا لَكَانَ تدبيراً طبيعياً كتدبير الْغذَاء لنا وكتدبير الْهَوَاء وَالْمَاء لنا وكل ذَلِك لَيْسَ حَيا وَلَا عَاقِلا بِالْمُشَاهَدَةِ وَقد أبطلنا الْآن أَن يكون تَدْبِير الْكَوَاكِب لنا اختيارياً بِمَا ذكرنَا من جريها على حَرَكَة وَاحِدَة ورتبة وَاحِدَة لَا تنقل عَنْهَا أصلا وَأما القَوْل بقضايا النُّجُوم فَإنَّا نقُول فِي ذَلِك قولا لائحاً ظَاهرا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

قَالَ أَبُو مُحَمَّد أما معرفَة فطعها فِي أفلاكها وآناء ذَلِك ومطالعها وأبعادها وارتفاعاتها وَاخْتِلَاف مراكز أفلاكها فَعلم حسن صَحِيح رفيع يشرف بِهِ النَّاظر فِيهِ على عَظِيم قدرَة الله عز وَجل وعَلى يَقِين ناثرة وصنعته واختراعه تَعَالَى للْعَالم بِمَا فِيهِ وَفِيه الَّذِي يضْطَر كل ذَلِك إِلَى الْإِقْرَار بالخالق وَلَا يَسْتَغْنِي عَن ذَلِك فِي معرفَة الْقبْلَة وأوقات الصَّلَاة وينتج من هَذَا معرفَة رُؤْيا الْأَهِلّة لغَرَض الصَّوْم وَالْفطر وَمَعْرِفَة الكسوفين برهَان ذَلِك قَول الله تَعَالَى وَلَقَد خلقنَا فَوْقكُم سبع طرائق وَقَالَ تَعَالَى وَالْقَمَر قدرناه منَازِل حَتَّى عَاد كالعرجون الْقَدِيم لَا الشَّمْس يَنْبَغِي

<<  <  ج: ص:  >  >>