للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الرابع: أبو العباس المبرِّد ٢١٠ - ٢٨٦ هـ:

إن اسمه كاملًا محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي، وكنيته أبو العباس، وشهرته المبرد، وهو عالم جليل في الأدب والأخبار واللغة والنحو، مولده في البصرة، وحياته ووفاته في بغداد، ولقد ارتبط اسم المبرد بكتابه الكامل ارتباط الجاحظ بالبيان والتبيين والحيوان، وارتباط ابن قتيبة بأدب الكاتب وعيون الأخبار، وارتباط أبي حنيفة الدينوري بالنبات والأخبار الطوال، وكان أبو العباس لفرط علمه يلقب بشيخ أهل النحو وحافظ علم العربية، وهو بهذا اللقب جدير؛ لفضله وسعة علمه وعلو كعبه، وكان يوصف بالفضل والثقة في الرواية وحسن المحاضرة والأخبار المليحة والنوادر الكثيرة١.

وإذا كان لكل نابه حساد ولكل فاضل كائدون، فقد كان للمبرد كثير من الحساد والكائدين الذين يشهرون به ويتصيدون له الهفوات وينشرونها على الناس ويبالغون فيها، وربما كان للمبرد بعض الكبوات التي اضطر للوقوع فيها مثل قصته مع عيسى بن ماهان التي مر ذكرها في الحديث عن أبي حنيفة الدينوري، وهناك قصة أخرى تنسب إليه في مجال اختراع الإجابات غير الصحيحة، فقد سأله بعض تلاميذه: ما القبعض؟ وهي كلمة لا معنى لها فأجاب. القطن، ثم اخترع في الحال شاهدًا من أشعار العرب هو قول أعرابي:

كأن سنامها حشي القبعضا

فقال السائل لإخوانه: هو ذا ترون الجواب والشاهد، إن كان صحيحًا فهو عجيب، وإن كان اختلق الجواب وعمل الشاهد في الحال فهو أعجب، وهذه الطرفة وما حوت من


١ تاريخ بغداد "٣/ ٣٨٠".

<<  <   >  >>