للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المقريزي ومؤلفاته]

إن المقريزي إن لم يكن مؤرخ مصر الأول وعمدة مؤرخيها، فإنه دون ريب بموسوعته "الخطط" يقف في الصف الأول بين المؤرخين المسلمين. وهو وإن لم يكن أول من ابتكر الكتابة في الخطط كما أنه ليس آخرهم، إلا أنه كان أعظم كتاب الخطط في تاريخ مصر الإسلامية١.

وخطط المقريزي من الدقة والتفصيل والإفاضة والوقوف عند منحيات التاريخ ومنعطفاته ما دق منها، وما عظم أمر مسلم به، ولكن الأمر الذي ينبغي أن نبسط عليه الضوء هنا هو أن موسوعة المقريزي على تخصصها التاريخي قد أفسحت من صفحاتها العديدة للمعرفة مكاناً رحيباً، فكتابات المقريزي التاريخية -على ما يقول علماء الجغرافية مصدر له وزنه في دراسة الجغرافية لمصر٢، فضلًا عن أن خطط المقريزي تقدم صفحات طويلة عن جغرافية مصر الاقتصادية والمحصولات الزراعية.

والشيخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي القاهري المولد والوفاة -وإن كان بعلبكي الآباء من حارة المقارزة- قد أوتي بسطة من العمر فقد عاش بين سنتي ٧٦٦-٨٤٥هـ، استغل الجانب الأكبر منها في الاشتغال بعلم التاريخ، ومن ثم فقد كان من الطبيعي أن يقدم لنا كتباً أخرى على جانب من القيمة العلمية وإن لم تنل حظ "الخطط" من وفرة الشهرة، وأهم هذه الكتب هي الكتاب القيم "البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب" و"إغاثة الأمة بكشف الغمة" و"السلوك في معرفة دول الملوك" وهو موسوعة تاريخية لم يطبع منها غير جزء وبعض جزء، وله موسوعة ثالثة مخطوطة هي "إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع" وتقع في تسعة مجلدات، ومن كتبه المطبوعة "تاريخ الأقباط" و"تاريخ الحبش" و"التنازع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم" و"اتعاظ الحنفا في أخبار الأئمة الفاطميين الخلفا".

هذا وقد فتن المقريزي بمؤلفاته وعلمه ومنهجه عالمين فرنسيين مستشرقيين كبيرين هما: دي ساسي، وكاترمير، فتناول كل منهما قدرًا من كتبه، وجانبًا من شخصيته بالدراسة.


١ الدكتور محمد الصياد: من الوجهة الجغرافية "دراسة في التراث العربي" ص٩٩.
٢ المصدر السابق "ص١٠١".

<<  <   >  >>