ذهب بعض العلماء في مناهج تآليفهم إلى إملاء الموضوعات التي يريدون طرحها على أسماع تلاميذهم، فمثلًا كتاب "مجالس ثعلب" أطلق عليه أيضًا "أمالي ثعلب"، وليس في ذلك كبير مبالغة. فالكتاب مجموعة من الأمالي التي تضم ألوانًا من الأدب، والتاريخ، واللغة، وإن كان للغة فيه النصيب الأوفى.
ونحن لا نرى كبير فرق بين عنوان "الأمالي" أو عنوان "المجالس" فلقد كان الطلاب في واقع الأمر يجلسون متحلقين حول أستاذهم، وأمامهم المحابر وبأيديهم الدفاتر يحسنون الاستماع، ويقيدون ما يجري على لسان أستاذهم الذي يكون في العادة من كبار العلماء الثقات، فإذا جمعت هذه الأمالي لكي تصدر في شكل كتاب كانت إما أن تعرض على الأستاذ نفسه، أو يقوم على مراجعتها بعض النابهين من تلامذته الذين يقومون بدورهم بروايتها منسوبة إليه.
وكتب الأمالي في ميدان الدراسات العربية والإسلامية من الكثرة بمكان، وتشمل بعض الموضوعات المتخصصة كالتفسير حينًا والحديث حينًا آخر والنحو حينًا ثالثًا وهكذا.
غير أن الذي يعنينا من كتب الأمالي في هذا المقام هي "الأمالي" في نطاق الأدب، ونحن نستطيع بشيء من التيسير على أنفسنا أن نعد كتاب "مجالس ثعلب"، أول كتاب أنشئ في هذا الميدان، وقد عاش ثعلب حسبما مر بنا في ترجمته بين سنتي ٢٠٠هـ، ٢٩١هـ، ويليه في الميدان نفسه أمالي اليزيدي: أبي عبد الله محمد بن العباس المتوفى سنة ٣١٠هـ، ويليه أمالي الزجاج أبي إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل المتوفى سنة ٣١١هـ، وكان معاصرًا لليزيدي وتلميذًا ومريدًا للمبرد. وتلى هذه الأمالي الثلاث أمالي جحظة البرمكي المتوفى