بعد اختبارات أبي الخطاب القرشي التي أطلق عليها عنوان "جمهرة شعراء العرب" بدأ هذا الاتجاه في الاختيارات يأخذ اسمًا آخر ومنهجًا شبه ثابت. لقد عمد كل من أصحاب "الاختيارات" السابقين إلى تسمية مجموعته الاسم الذي يرتضيه لها حسبما مر بنا في الفصل السابق، فلما جمع أبو تمام اختياراته جعل كل مجموعة تشترك في غرض بعينه تحت العنوان الذي قيلت فيه وهي الحماسة، المراثي، الأدب، النسيب، الهجاء، الأضياف، المديح، السير والنعاس، الصفات، الملح، مذمة النساء، ولما لم يجد أبو تمام اسمًا بعينه صالحًا؛ لأن يكون عنوانًا لكتاب يضم كلهذه الأغراض من الاختيارات، فقد اختار اسم المجموعة الأولى وهي الحماسة وجعلها عنوانًا للكتاب كله من قبيل تسمية الكل باسم الجزء، ومن ثم صار اسم الكتاب الحماسة.
أصبحت اختيارات الشعر بعد ذلك تقليدًا عند كبار الشعراء والأدباء، فأخذ كل من هؤلاء يختار مجموعة من شعر الشعراء السابقين عليه زمنًا ويطلق عليها اسم "الحماسة" فظهر بعد ذلك حماسة البحتري، حماسة الخالدين أبي عثمان سعيد وأبي بكر محمد ابني هاشم الخالدي وكانا شاعرين من شعراء سيف الدولة، وتعرف حماستهما أيضًا باسم "الأشباه والنظائر"، وهناك أيضًا "الحماسة الشجرية" لأبي السعادات هبة الله علي بن حمزة بن الشجري المتوفى سنة ٥٤٢هـ، و"الحماسة البصرية" التي جمعها صدر الدين بن أبي الفرج بن الحسين البصري المتوفى سنة ٦٥٩هـ وكان قد قدمها إلى الملك الناصر أمير حلب سنة ٦٤٧هـ.