للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السادس: أمالي الشريف المرتضى]

إن هذه الأمالي هي الأخرى من أرفع كتب الأمالي قيمة وأنفسها محتوى وأكثرها شهرة، وقد يطلق عليها اسم آخر، إنه الاسم الذي خلعه عليها مؤلفها "غرر الفوائد ودرر القلائد" وقد يختصر هذا الاسم الطويل فيعرف الكتاب باسم "الغرر والدرر".

وإذا كان أبو علي القالي مؤلف أول كتاب في مجموعة الأمالي وأشهرها رفيع القدر سامي المكانة لدى ملوك الأندلس وعلمائها، فإن علي بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى، كان في بغداد التي ولد فيها سنة ٣٥٥هـ ومات فيها سنة ٤٣٦ أعلى قدرًا وأوفر حظًّا، فقد كان مثال العالم المتبحر في العلوم الدينية، وعلم الكلام صاحب حظ وفير من العلم والثقافة والأدب، تولى منصب نقيب الطالبين بعد أن زهد فترة طويلة لانشغاله بالتحصيل والدرس والتأليف.

لقد كان محل احترام الخلفاء العباسيين والأمراء البويهيين الذين كانوا الحكام الحقيقيين لبغداد، وكان واسع الثراء يملك ثمانين قرية تمتد بين بغداد وكربلاء يشقها نهر صغير، ولكنه كان يفيض من ثروته على العلماء والطلاب والمحتاجين، وكان كريمًا سخيًّا أديبًا ناقدًا صاحب ملحة، وفكاهة.

ومن المآثر الجميلة التي تحكى عنه أن الأديب أبا الحسن علي بن أحمد الفالي -بالفاء- كان يمتلك نسخة جيدة من جمهرة ابن دريد فدعته الحاجة إلى بيعها، فباعها وكان المشتري الشريف المرتضى الذي دفع ستين دينارًا ثمنًا لها، فلما تصفحها وجد عليها أبياتًا بخط الفالي يبكي فراق نسخته العزيزة وفيها يقول١:

أنست بها عشرين حولًا وبعتها ... لقد طال وجدي بعدها وحنيني


١ وفيات الأعيان "٣/ ٣١٦".

<<  <   >  >>