سبقت الإشارة إلى أن ابن سعيد علي بن موسى قد كان كثير التأليف، حليف أسفار، وسبقت الإشارة إلى أن تآليفه في الأدب والتراجم والاختيارات من الكثرة والنفاسة بمكان، وها نحن أمام ثلاثة كتب أخرى تعتبر من المصادر الأصيلة لتاريخ الأدب الأندلسي ورجاله ومادته.
١- أول هذه الكتب:"رايات المبرزين وغايات المميزين"، ولا نستطيع أن نعتبر هذا العمل كتابًا قائمًا بذاته؛ لأنه في حقيقة أمره مجموعة مختارات من الكتاب الكبير "المغرب في حلى المغرب". لقد سبق القول إن ابن سعيد عليًّا قد زار مصر غير مرة، وطالت إقامته فيها بعض الوقت في إحدى هذه الرحلات، وكان يلي نيابة السلطة آنذاك ابن يغمور الذي اشتهر بالأدب والفضل وتشجيعه العلماء ومصاحبة الأدباء، وكانت الصلة قد توثقت بين نائب السلطان وبين ابن سعيد، فطلب ابن يغمور إليه أن ينتخب له خير ما في كتاب "المغرب" من شعر الأندلسيين والمغاربة والصقليين، فاستجاب له ابن سعيد وقام على اختيار نصوص المختارات وأعمل فيها ذوقه الشعري وحكم في انتقائها حسه الأدبي، ورتبها بين دفتي كتاب أطلق عليه العنوان الذي ذكرنا، ولا يكاد يصدق المثل الذي يقول "يقرأ الكتاب من عنوانه "صدقه على هذا الكتاب، فإنه "أي رايات المبرزين" على صغر حجمه وقصر نصوصه يضم أرق وأنضر ما أنشأه شعراء بلاد المغرب والأندلس وجزيرة صقلية. وقد قام على تحقيقه المستشرق إميليو غرسيه غومس الأستاذ في جامعة مدريد سابقًا.