إن هذا الكتاب يعتبر فريدًا في تأليفه ومنهجه وقيمته بين كتب التراث الأدبي الأندلسي بصفة خاصة، والعربي الإفريقي الأندلسي "أي ما بين مصر شرقًا والمغرب والأندلس غربًا بصفة عامة" ومعنى ذلك أن الكتاب معني بكل من مصر، والمغرب العربي والأندلس، ولكل إقليم من هذه الأقاليم الكبار قسم أو مجموعة أقسام تتناول أدباءها من أمراء ووزراء وكتاب وشعراء وفقهاء وزهاد.
والذي نهتم له هنا في هذا المقام هو القسم الخاص بالأندلس من كتاب "المغرب في حلى المغرب".
ومن الطرائف حول هذا الكتاب أنه ألف في مائة وخمس عشرة سنة، وقبل أن يتساءل المرء عن كيفية تأليف كتاب في هذه المدة المفرطة الطول نسارع إلى تقرير أن الكتاب لم يقم بتأليفه عالم واحد، وإنما قام بذلك ستة علماء، أربعة منهم وزراء الواحد منهم بعد الآخر أولهم شاعر عالم، هو أبو محمد عبد الله الحجاري وبقيتهم خسمة من آل سعيد هم الأمير الوزير عبد الملك بن سعيد ثم خلفه على العمل نفسه ولداه أبو جعفر أحمد، ومحمد، ثم موسى بن محمد، ثم علي بن موسى.
إنه نهج جديد في تاريخ التأليف حين يبدأ رأس الأسرة تأليف كتاب، وما يزال أبناؤه وأحفاده يتناولونه بالزيادة من واقع آداب عصرهم حتى يأخذ صورة مكتملة ناضجة فينشره الحفيد على الناس.
وتبدأ فكرة الكتاب حين وفد أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الحجاري على القائد الأمير عبد الملك بن سعيد، ومثل بين يديه في قلعة بني سعيد غير بعيد عن غرناطة، وكان ذلك سنة