ألف هذا الكتاب عبد الملك بن محمد بن أحمد الباجي الشهير بابن صاحب الصلاة، المتوفى سنة ٥٧٨هـ، والحق أن هذا الذي ذكره في العنوان ليس عنوان الكتاب الحقيقي، فإن عنوانه من الطول بحيث يمكن أن يكون واحدًا من أطول عناوين الكتب التي نعرفها، وكمال عنوان الكتاب هو "تاريخ المن بالإمامة على المستضعفين بأن جعلهم الله أئمة وجعلهم الوارثين، وظهور المهدي بالموحدين".
وكان ابن صاحب الصلاة من المولعين بالأسفار، فلقد ذرع بلاد الأندلس وشمال إفريقية جيئة وذهابًا، وقابل الكثير من أعلام الزمن، وعاصر غير قليل من أحداث حقبة الموحدين وأخذ الثقات من كبار المؤرخين وهو من الدقة بحيث يذكر الأحداث بأيامها في نطاق الأسبوع، وتاريخها في نطاق الشهرين العربي والعجمي، والسنتين الهجرية والميلادية، وهذا ويضم الكتاب رسائل أدبية كثيرة لملوك الموحدين وكتابهم، كما يضم قصائد من الشعر وفيرة لكبار شعراء الزمان، بحيث يمكن أن يشكل الشعر المنبث على صفحاته ديوانًا كبيرًا لكبار شعراء الزمان.
ولما كان الكتاب صورة من صاحبه فإن تاريخ المن بالإمامة يعطي فكرة طيبة عن مدى انفتاح الحياة الفكرية، والثقافية في عهد الموحدين في المغرب والأندلس.
ويقع الكتاب في جزءين كبيرين: الأول منهما مفقود، والذي بين أيدينا هو الجزء الثاني منه ويضم الأحداث التي جرت بين سنتي ٥٥٤، ٥٦٨هـ.