وما كان ظني أنني سأبيعها ... ولو خلدتني في السجون ديوني
ولكن لضعف وافتقار وصبية ... صغار عليهم تستهل شئوني
فقلت ولم أملك سوابق عبرةٍ ... مقالة مكوي الفؤاد حزين
وقد تخرج الحاجات يا أم مالكٍ ... كرائم من رب بهن ضنين
فما إن وقعت عينا الشريف على الأبيات حتى أعاد النسخة إلى صاحبها وترك له الدنانير.
هذا وكان الشريف نفسه شاعرًا رقيقًا ترك ديوانًا فقد مع ما فقد من آثاره العلمية والأدبية، ولكن مقاطع كثيرة جميلة قد حفظت في بطون الكتب التي ترجمت له، فمن رقيق أبياته قوله يتعشق نجدًا وقصد في الحقيقة حسان نجد:
أحب ثرى نجد ونجد بعيدة ... ألا حبذا نجد وإن لم تفد قربا
يقولون: نجد لست من شعب أهلها ... وقد صدقوا لكنني منهم حبًّا
كأني وقد فارقت نجدًا شقاوةً ... فتًى ضل عنه قلبه ينشد القلبا
ومن الأبيات العذبة التي يطرب لها محب الشعر قول الشريف المرتضى١:
يا خليلي من ذؤابة قيس ... في التصابي رياضة الأخلاق
عللاني بذكرهم تطرباني ... واسقياني دمعي بكأس دهاق
وخذا النوم من جفوني فإني ... قد خلعت الكرى على العشاق
ويسمع هذه الأبيات شاعر طريف لعله كان من المحبين الولهين الذين يتعشقون لوعة السهر فيعلق قائلًا: المرتضى قد خلع ما لا يملك على من لا يقبل.
وكان للمرتضى مكتبة كبيرة تمده بكل أسباب المتعة الفكرية بالإضافة إلى أملاكه الكثيرة التي كانت توفر عليه الوقت الذي يبذله الكادحون في الحصول على أسباب العيش، وقد قدر ما فيها من كتب بثمانين ألف كتاب، ولذلك استطاع الشريف أن يترك آثارًا علمية
١ المصدر "٣/ ٣١٤".