للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كانت الأقسام التاريخية هي الأساس الحقيقي لكتب السير والمغازي التي لم تلبث أن تمخض عنها علم التاريخ.

وهناك حقائق كبرى عن فجر تدوين كتب غير قليلة في المغازي، منها على سبيل المثال:

١- عروة بن الزبير بن العوام ٢٣ - ٩٤هـ هو أقدم من ألف في سيرة الرسول.

٢- وهب بن منبه ٣٤- ١١٠هـ ألف كتابًا في المغازي.

٣- أبان بن عثمان بن عفان ٢٢ - ١٠٥هـ جمع له تلميذه عبد الرحمن بن المغيرة المتوفى ١٠٥هـ كتابًا في السير.

٤- ابن شهاب الزهري جمع كتابًا في المغازي.

٥- موسى بن عقبة ت ١٤١هـ جمع كتابًا في المغازي.

وقد عثر على قطعة منه طبعت سنة ١٩٠٤. ١

القضية إذن ليست بدوات أو أفكارًا تروح وتجيء وإنما هي عملية تأليف منظمة أو تصنيف معتنى بها، لنا أن نسميها ما شئنا ولكنها في حقيقتها عملية علمية تاريخية واضحة المعالم ملموسة الأسباب نشأت مبكرة، وكانت في بكورها أقدم مما يتصور الكثيرون من الدارسين.

على أن هذا النهج لا يلبث أن يربطنا بنهج آخر كل منهما يتمم صاحبه، ونعني به القصص.

والقصص بفتح القاف عرف قديمًا منذ الأيام الأولى لفجر الإسلام، وهو لا شك مصدر من مصادر المعرفة العامة، وليس القصص الذي نقصد إليه هو هذا المتعارف عليه في أيامنا المعاصرة، وإنما القصد منه عند نشأته كان الوعظ وتذكير الناس بالآخرة وصرفهم عن ضروب الملاذ التي إذا ما أغرقوا أنفسهم فيها أدى ذلك إلى فساد دينهم ودنياهم. ومن هنا كان القاص في حقيقته واعظًا، وإنما هو يستعمل أساليب القصص في وعظ الناس وهدايتهم عن طريق أخبار الأولين وقصص الأقدمين، فما من جبابرة إلا زالوا ولا أباطرة إلا ماتوا، الذكر الجميل أولى بصاحبه من الذكر القبيح وسوء ترديد السيرة. لقد كان القصص يتم في المسجد، وأول قاص في الإسلام هو تميم الداري، وقد أغرم بإرشاد الناس وهدايتهم واستأذن عمر في ذلك فرفض أول الأمر، ثم ما لبث أن وافق


١ فجر الإسلام "ص ١٥٨".

<<  <   >  >>