للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لسيف الدولة الحمداني أمير حلب١، وأن سيف الدولة بعث إليه بألف دينار، ويستقل الرواة هذا المبلغ؛ لأن سيف الدولة الذي عرف بإكرام الشعراء والأدباء والعلماء، كان ينبغي أن يقدر هذا العمل العلمي الجليل، وأن يوفيه ما يستحق من جائزة تكون أضعافًا مضاعفة لهذا المبلغ الضئيل بالنسبة للوزن العلمي للكتاب.

وسواء صحت هذه الرواية أم لم تصح فإنها قد فجرت انتباه صفوة العلماء والأعيان ممن كانوا معاصرين للأصبهاني أو ممن جاءوا بعده إلى قيمة الكتاب، فذكروا فضله وأوفوه حقه وزيادة، بما يربو على أي مبلغ يمكن أن يمنحه سيف الدولة للمؤلف فيما لو كانت قصة الإهداء والألف دينار كاملة الصحة.

إن القصة حينما تبلغ الصاحب بن عباد وزير عضد الدولة بن بويه، وكل من الوزير والأمير أديب عالم، يقول: لقد اشتملت خزائني على مائتي ألف وستة آلاف كتاب، ما منها ما هو سميري غيره ولا راقني منها سواه٢.

وكتاب الأغاني -فما يذكر أبو القاسم، عبد العزيز بن يوسف كاتب عضد الدولة- لم يكن يفارق عضد الدولة في سفره ولا في حضره، وأنه كان جليسه الذي يأنس إليه، وخدينه الذي يرتاح نحوه.

وتتكرر قصة الألف دينار واستصغار القيمة والثناء على الكتاب عند أكثر من ترجم للأصفهاني من المؤرخين أو الأدباء أمثال ابن منظور في مختصره "مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" والعيني في "عقد الجمان" وطاشكبري زاده في كتابه "مفتاح السعادة"، وأطرى الكتاب وأفضله على جميع الكتب التي احتوتها خزائنه وإن اختلفوا في تقدير عددها، فمن قائل إنها كانت مائتي ألف وستة آلاف كتاب ومن قائل إنها كانت مائة ألف وسبعة عشر ألف سفر، وقائل آخر إن الصاحب كان يستصحب حين يسافر ثلاثين جملًا محملة بالكتب فلما وصل إليه "الأغاني" استغنى به عنها.

إن الكتاب من حيث قدره يعتبر كنزًا لا يسهل تثمينه، وهو أمر متفق عليه حتى عند من لم يكونوا متوفرين على الأدب توفرًا كاملًا مثل أبي تغلب بن حمدان -ابن أخي سيف الدولة


١ يرى الدكتور محمد أحمد خلف الله في كتابه "صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني الراوية" أن سيف الدولة الذي أهدى إليه الأصفهاني كتابه "الأغاني" ليس بسيف الدولة الحمداني وإنما هو سيف الدولة أبو الحسن صدقة، وجاء في صدد تعليله هذا بحجج لا تخلو من وجاهة، وهي جديرة بالمناقشة والوقوف عليها "انظر الكتاب ص٩٠-٩٣".
٢ معجم الأدباء "١٣/ ٩٧".

<<  <   >  >>