وبمرور السنين أخذ التأليف الأدبي يتجه نحو المنهجية الواضحة والتخصص الموضوعي، الأمر الذي جعلنا نكرس الباب الرابع من كتابنا للتأليف الأدبي المنهجي، وقد شمل هذا الباب الحديث عن الجاحظ وابن قتيبة الدينوري وأبي حنيفة الدينوري والمبرد وثعلب وابن طيفور وأبي بكر الصولي والمرزباني والثعالبي، والموضوعات التي تناولوها، ومناهجهم في الكتب التي ألفوها.
ولما يتمتع به كل من العقد الفريد، والأغاني من مكانة عند صفوة العلماء وخاصة الباحثين في ميدان الدراسات الأدبية، خصصنا الباب الخامس للحديث عنهما في فصلين متتاليين حديثًا أقرب إلى الشمول وأدنى إلى الغاية.
والباب السادس جعلناه للحديث عن كتب الأمالي وما هو في حكمها، وذكرناها على الترتيب الزمني، ووقفنا وقفة مستأنية أمام كل كتاب.
ومن الأمالي انتقلنا إلى الحديث عن كتب طبقات الشعراء، فأفردنا الباب السابع لهذا الموضوع سالكين سبيل التدرج الزمني مبتدئين بابن سلام الجمحي في كتابه طبقات الشعراء الذي ألفه في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث، منتهين بسلافة العصر لابن معصوم المتوفى على رأس السنة العشرين من القرن الثاني عشر الهجري.
والباب الثامن جعلناه للحديث عن كتب الاختيارات الشعرية والحماسات، وإذا كانت حماسة أبي تمام هي أشهر هذه الأنماط من الكتب، فإن مصنفها لم يكن صاحب السبق في التأليف في هذا النوع من الكتب، وإنما سبقه إلى ذلك أصحاب المفضليات والأصمعيات وجمهرة أشعار العرب وشعر الهذليين، غير أن أبا تمام قد ارتقى بهذا الفن من حيث الذوق في الجمع والانتقاء في الموضوع والعناية في التبويب ثم تبعه في ذلك بقية أصحاب الحماسات.
والباب التاسع من كتابنا هذا خصصنا به كتب التراجم ومناهجها ونظام ورود الأعلام فيها وابتدأنا بذكر الفهرست لابن النديم وانتهينا عند المحبي في "خلاصة الأثر".
ولما كان الأدب الأندلسي من الرقة والسمو والقرب إلى أنفسنا بحيث يحتاج إلى عناية خاصة، فقد أفردنا الباب العاشر من هذه الطبعة الثانية للحديث عن مصادره ومناهج العلماء الذين عكفوا على التأليف فيه من مشارقة ومغاربة وأندلسيين، وحاولنا قدر الاستطاعة أن نيسر على دارس هذا الأدب بوضع مصادره مدروسة بين يديه.
وأما الباب الحادي عشر والأخير في كتابنا هذا، فقد جعلناه للحديث عن الموسوعات بصفة عامة والمملوكية بصفة خاصة.
هذا ولا يفوتني أن أنوه بالجهد الذي بذله معي تلميذاي الأستاذان حسان ماضي وأحمد عبد العزيز عمرو في إعداد النصوص التي وجهتهما إلى جمعها والإسهام في مراجعة تجارب المطبعة وهي أعمال جديرة بالشكر حرية بالتقدير.
والله نسأل أن يهدينا إلى سبيل الرشاد ونهج السداد.
بيروت في ١/ ١٢/ ١٩٧٣ مصطفى محمد الشكعة