عثمان ولكن بألفاظ أخرى وهي قوله: لا حاجة لي به إن الشاعر لا حريم له١.
إن تساؤلنا لا يزال قائمًا إزاء نسبة شاعر إسلامي إلى الجاهلية، وعلى النهج نفسه يجعل ابن سلام الكميت بن معروف الأسدي، وهو غير الكميت بن زيد من الطبقة العاشرة من الشعراء الجاهليين مع أن الشاعر عاش أكثر حياته في الإسلام، فلقد مات سنة ٦٠هـ ويسميه الكميت الأوسط تمييزًا له عن جده الكميت بن ثعلبة والكميت بن زيد الشاعر المتشيع المعروف المتوفى سنة ١٢٦. وابن سلام يقول عنه أي عن الكميت الأوسط: إنه أشعرهم قريحة.
وهكذا ينهي ابن سلام تقديم الطبقات العشر من الشعراء الجاهليين وقد جهلنا كل الجهل الأساس الذي عليه رتبهم طبقات والأسباب التي من أجلها جعل المخضرمين والإسلاميين جاهليين.
وفي القسم الأول نفسه من الكتاب أي القسم الخاص بالجاهليين يفرد ابن سلام بابًا لأصحاب المراثي من الشعراء ويجعلهم "طبقة بعد العشر طبقات" وهو باب قصير لم يشغل من كتابه أكثر من أربع صفحات ولم يشمل أكثر من ثلاثة شعراء وشاعرة. فأما الشعراء الثلاثة فمنهم جاهليان هما أعشى باهلة "عامر بن الحارث" وكعب بن سعد الغنوي، وأما الثالث فهو متمم بن نويرة الشاعر الفارس المخضرم، وأما الشاعرة فهي الخنساء "تماضر بنت عمرو بن الحارث" وهي مخضرمة صحبت أولادها الأربعة إلى موقعة القادسية ودفعت بهم إلى خضمها فخاضوها ببسالة وهم يرتجزون واستشهد أربعتهم، فلما بلغها خبر استشهادهم، قالت: الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأرجو أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
ويفرد ابن سلام بابًا ثالثًا في القسم الأول من كتابه تحت عنوان شعراء القرى العربية، وهي المدينة، ومكة، والطائف، واليمامة، والبحرين، ويقول: وأشهرهن قرية المدينة أي شعراء المدينة، ويعدد من شعرائها حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وقيس بن الخطيم وأبا قيس بن الأسلت، ثم يقدم حسانًا عليهم جميعًا.
ويعدد بعد ذلك شعراء مكة ويذكر منهم عبد الله بن الزبعري الذي حارب الدعوة الإسلامية وهجا المسلمين وألب عليهم العرب، كما يذكر منهم مسافر بن أبي عمرو وآخرين، ومن الطائف يعدد أربعة من بينهم أمية بن أبي الصلت الذي كان متحنفًا قبل الإسلام فلما جاءت الدعوة الإسلامية امتنع عن الإسلام، ويقول عنه ابن سلام إنه أشعرهم