وتخطيط المدينة وبناء الكرخ والرصافة وبعض القصور مثل قصر الخلد والقصر الحسني والتاج ودار الخلافة، وأنهار بغداد وجسورها في شيء غير كثير من التفصيل.
ثانيًا: يبدأ المؤلف في الترجمة للأعلام أو الأعيان الذين سلفت الإشارة إلى صفاتهم فيجعل ذكر المدائن وتسمية من وردها من الصحابة منطلقًا لترجماته، فيرتب الصحابة على حسب درجاتهم بادئًا بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب جاعلًا له الترجمة الأولى، ثم يثني بالترجمة للحسن بن علي، ويثلث بأخيه الحسين، ثم يجعل القائد الفاتح سعد بن أبي وقاص صاحب الترجمة الرابعة، ومن بعده عبد الله بن مسعود ثم عمار بن ياسر ثم أبا أيوب الأنصاري، وهكذا يمضي في الترجمة للصحابة الذين وردوا المدائن -وهي في قلب العراق الذي أصبحت بغداد عاصمة له -الواحد بعد الآخر حتى يكملهم خمسين عدًّا بعبد الله بن الحارث بن ببة.
رابعًا: فإذا انتهى الخطيب البغدادي من ذكر الصحابة الذين وردوا المدائن، وقد قرن أخبارهم بالفصل التاريخي الخاص بمدينة السلام يقول:"لم تخل بلد المدائن فيما مضى من أهل الفضل، وقد كان به جماعة ممن يذكر بالعلم فبدأنا بذكر الصحابة مفردًا عمن سواهم، وأما التابعون ومن بعدهم، فإنا سنورد أسماءهم في جملة البغداديين عند وصولنا إلى ذكر كل واحد منهم إن شاء الله تعالى١.
ويمضي صاحب "التاريخ" في سرد من سوف يتناول ترجمتهم في كتابه الكبير البالغ أربعة عشر مجلدًا، فيذكر أنهم "الخلفاء والأشراف والكبراء والقضاة والفقهاء والمحدثون والقراء والزهاد والصلحاء والمتأدبون والشعراء من أهل مدينة السلام الذين ولدوا فيها أو في سواها من البلدان ونزلوها، وذكر من انتقل منهم عنها ومات ببلدة غيرها، ومن كان بالنواحي القريبة منها، ومن قدمها من غير أهلها، وما انتهى إلى معرفة كناهم وأنسابهم ومشهور مآثرهم وأحسابهم ومستحسن أخبارهم ومبلغ أعمارهم، وتاريخ وفاتهم، وبيان حالاتهم، وما حفظ فيهم من الألفاظ وعن أسلاف أئمتنا الحفاظ من ثناء ومدح، وذم وقدح، وقبول وطرح، وتعديل وجرح. جمعت ذلك كله وألفته أبوابًا مرتبة على نسق المعجم من أوائل أسمائهم، وبدأت منهم بذكر من اسمه محمد تبركًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتبعته بذكر من ابتدأ اسمه حرف الألف وثنيت بحرف الباء ثم ما بعدها من الحروف على ترتيبها إلى آخرها ليسهل إدراك ذلك على طالبيه وتقرب معرفته من مبتغيه، فإني رأيت الكتاب الكثير الإفادة، المحكم الإجادة، ربما أريد منه الشيء فيعمد من يريده إلى إخراجه فيغمض عن موضعه، ويذهب