للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعلامها وأدبائها حين يصنف أبو العباس خلف بن عبد الملك المعروف بابن بشكوال كتاب "الصلة" المتوفى سنة ٥٧٨هـ وينهج ابن بشكوال في كتابه نهج أستاذه من حيث تبويب الأسماء على حروف المعجم كل اسم في باب، وذكر ميلاد ووفاة وإقامة وصفة ورحلة وشيوخ المترجم له، وهو أكثر اهتمامًا بالأدباء والشعراء من ابن الفرضي، فلا يكاد يذكر شاعرًا إلا ويورد له مختارات من شعره يرصع بها صفحات كتابه النفيس الطويل.

والجدير بالذكر أن "الصلة" ليس الوحيد لابن بشكوال هذا، بل لقد ذكر المؤرخ أنه ألف ما يزيد على خمسين كتابًا.

وتمضي هذه السلسلة التي بدأت حلقتها بابن الفرضي وتلاه ابن بشكوال قدمًا حين يجيء عالم آخر كاتب شاعر وزير أديب هو محمد بن عبد الله أبو بكر القضناعي البلنسي مولدًا المعروف بابن الأبار المتوفى سنة ٦٥٨ هـ في تونس ليؤلف ذيلًا لكتاب "الصلة" يسميه "التكملة لكتاب الصلة" ويسير على نهج سلفيه من حيث الترجمة للملوك والعلماء والأعلام والأدباء الأندلسيين مرتبًا أسماءهم على حروف المعجم.

إن هؤلاء الثلاثة، ابن الفرضي وابن بشكوال وابن الأبار ليذكروننا بثلاثة مشارقة نهجوا هذا المنهج هم ابن خلكان في وفياته، وابن شاكر الكتبي في "فوات الوفيات" وصلاح الدين الصفدي في "الوافي بالوفيات".

هذا وما دمنا بصدد الحديث عن ابن الأبار فإننا نذكر له كتابين آخرين نفيسين هما "الحلة السيراء" و"تحفة القادم" وكل من الكتابين سفر نفيس يحوي أخبار التاريخ، وفنون الكتابة، وروائع الشعر، ولئن كان كتاب "الحلة السيراء" بين أيدينا ننهل منه فإن كتاب "تحفة القادم" لا يزال بعيدًا عنا، ولكن زبدته الأدبية مستخلصة في كتاب أطلق عليه مصنفه "المقتضب من كتاب تحفة القادم". أما ذلك الذي اقتضبه فهو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد البلفيقي.

والمقتضب يترجم لعدد من الشعراء الأندلسيين والمغاربة الذين وردت أسماؤهم وتراجمهم في "تحفة القادم" ما بين سنتي ٥١٩ و ٦٣٤هـ.

والحق أن "المقتضب" من "تحفة القادم" يمثل باقة يانعة من الشعر الأندلسي الحسن الانتقاء، بحيث يورد المصنف اسم الشاعر وبعض خبره مقتضبًا، ثم يتبع ذلك بأنموذج أو أكثر قد أحسن انتقاءه وأبدع اختياره. وهذا المقتضب كتاب أدب خالص ومصدر ثمين لمن يتعشق عذب الشعر ورائق الأدب.

<<  <   >  >>