للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نطاق الحضارة العربية الإسلامية إليهما، أن يربطوا بين النتاج العربي الإسلامي بعضه مع البعض الآخر، ذلك أنهم إن فعلوا فسيجدون أن الفيض الحضاري الإسلامي نشأ متواضعًا، ثم بدأ ينمو ويزدهر ويثمر في سرعة نمو الشجرة المباركة التي صادف غرسها أرضًا طيبة سخية خصيبة. إنه من الخير أن نربط بين كلام عبد الحميد وأسلوبه المشرق العذب، وكلام بعض من سبقوه من بلغاء العرب من خطباء وناثرين من أمثال الحسن البصري وغيلان الدمشقي ويحيى بن يعمر وقطري بن الفجاءة وعبد الله بن معاوية الطالبي بدلًا من أن نربطه بمعين نجهل ويجهل غيرنا وشائج الصلة المباشرة بين عبد الحميد وهذا المعين، الذي يقوم الربط به على الاستنتاج لا على القياس.

لقد اكتملت للمؤلف العربي عدته حينما وصل بأسلوب الكتابة إلى هذا المستوى السامي المتطور الرفيع، وهو في الوقت نفسه لا ينقصه الفكر ولا تجانبه الثقافة: قلم وفكر وثقافة مجتمعة معًا لا بد وأنها خليقة بصنع كتاب، وهذا ما كان بالفعل.

أما وقد استوى الأسلوب العربي على عوده، وصار من النضج بحيث يمكن أن يكون وسيلة للتأليف في مختلف فنون المعرفة وأبواب العلوم فقد بدأت موجات التأليف تترى، وسيلها يفيض مؤتيًا من الثمار أطيبها ومن الحصاد أوفره.

<<  <   >  >>