للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواقع أن المسعودي في كلمته هذه القصيرة لا يعرف بكتب الجاحظ وحسب، وإنما هو يشرح منهجه في التأليف ومذهبه في التفكير، وكان المسعودي من الحصافة بحيث وقف وقفة ظاهرة أمام أنفس كتب الجاحظ، وهو البيان والتبيين، كما أنه لم ينس أن يذكر الكتابين اللذين يجيئان بعده شهرة وذيوعًا وهما: كتاب الحيوان وكتاب البخلاء.

والموضوعات التي طرقها الجاحظ في كتبه متشعبة متشابكة متعددة متميزة، وبمعنى آخر كان الجاحظ يحسن طرق أي موضوع يريد طرقه، كان يعد نفسه له ويحيط بأطرافه ثم يبدأ الكلام فيه، فلا يكاد ينتهي منه إلا وقد قدم طرفة جديدة من طرائف العقل العربي. لقد سئل أبو العيناء: أي شيء كان الجاحظ يحسن؟ فقال: ليت شعري أي شيء كان الجاحظ لا يحسن.

لقد مر بنا أن عدد الكتب التي ألفها الجاحظ بلغت ثلاثمائة وستين كتابًا، وهي في اعتقادنا ليست جميعًا مما يصلح أن يطلق عليه اسم كتاب، فبعض هذه الكتب أقرب إلى أن يكون رسالة منه إلى أن يكون كتابًا، ولكن في الوقت نفسه عنده من الكتب ما يصل حجمه الكمي والكيفي إلى سبعة مجلدات بحروف المطبعة الحديثة مثل: كتاب الحيوان، أو إلى أربعة مجلدات مثل: البيان والتبيين.

نعود مرة ثانية إلى موضوعات التأليف عند الجاحظ، ولكي تكون الفكرة واضحة عن تعددها فإننا نذكر منها على سبيل المثال كتاب البيان والتبيين، كتاب الحيوان، كتاب البخلاء، كتاب المعرفة، كتاب النبي والمتنبي، كتاب مسائل القرآن، كتاب فضيلة المعتزلة، كتاب الإمامة على مذهب الشيعة، كتاب إمامة معاوية، كتاب الرد على النصارى، كتاب القواد، كتاب اللصوص، كتاب المعلمين، كتاب الجواري، كتاب العرجان والبرصان، كتاب النساء، كتاب المقينين والغناء والصنعة، كتاب أمهات الأولاد، كتاب المغنين، كتاب ذوي العاهات، كتاب في الأسد والذئب، كتاب الكيمياء، كتاب أحدوثة العالم، كتاب نقض الطب، كتاب التفاح، كتاب الزرع والنخل، كتاب النرد والشطرنج، كتاب غش الصناعات، كتاب من يسمى من الشعراء عمرًا، كتاب فضل الفرس، كتاب التسوية بين العرب والعجم، كتاب تنبيه الملوك، كتاب الأصنام، كتاب البلدان، كتاب الربيع والخريف إلخ إلخ.

هذه بعض موضوعات كتب الجاحظ، وإن الذي يدرس ما قد وصل إلينا منها -وهي لسوء الحظ قليلة بالنسبة إلى العدد الهائل الذي ألفه يستطيع أن يرى من خلال تناوله لموضوعاته المختلفة المتشعبة شخصية العالم المتمكن والمؤلف المتماسك الحصيف الذي يفيض العلم من خاطره فيضًا وتنساب المعرفة من قلمه انسيابًا.

<<  <   >  >>