للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة أبي سفيان مع هرقل]

هرقل حينما راسله النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة يدعوه إلى الإسلام قال لأعوانه: لقد ظهر نجم نبي الختان، فأي الأمم تختتن؟ قالوا: العرب، قال: جاءني خطاب من رجل من العرب يدعي النبوة، وقد ظهر نجم نبي الختان.

يعني: تطابق ما يعرفه في النجوم وما جاءه من الكتاب.

ونحن لا نؤمن بعلم النجوم، وكذب المنجمون ولو صدقوا.

قال: فإذا جاء وفد من العرب فآذنوني، فجاء أبو سفيان وكان هو قائدهم في الحرب والتجارة، فأجلسه بين يديه، وأجلس من معه خلفه، وقال: إني سائله فإن صدق فصدقوه، وإن كذب فكذبوه، فأخذ يسأله: هذا الذي بعث فيكم أكان له أب أو جد ملكاً عليكم؟ قال له: لا.

قال: أكان له أب أو جد أو عم يدعو إلى ما دعا إليه؟ قال: لا.

قال: أجربتم عليه الكذب؟ قال: لا.

قال: من يدخل في دينه أيخرج عنه رغبة عنه؟ قال: لا.

قال: أيتبعه الأغنياء أم الفقراء؟ قال: الفقراء.

قال: أوقع بينكم وبينه حرب؟ قال: نعم، قال: كانت الدائرة لكم أو عليكم؟ قال: تارة لنا وتارة علينا؛ لأنه لم يقع بينهم إلا بدر وأحد إلى آخر الأسئلة.

فقال للترجمان: أخبره أنه لو كان لآبائه ملك، لقلنا: يدعو إلى ملك آبائه باسم الدين، ولو كان في قومه من يدعو إلى النبوة وفشل فيها لقلنا: قلد من كان قبله، فأقول لك: إذا ترك الكذب عليكم فلأن يدع الكذب على الله من باب أولى، وأقول: إن الدين لا يدخله ولا يتمسك به إلا الفقراء، وهم أتباع الأنبياء؛ لأن الأغنياء يخافون على سلطانهم.

وأقول: إن الذي يدخل الإيمان قلبه لا يرتد عنه إذا خالطت حلاوة الإيمان بشاشة القلوب، ثم قال: والله ليملكن موضع قدمي هاتين!! حينئذ سقط في يدي أبي سفيان؛ لأنه كان يتمنى أن يستنهض ملك بني الأصفر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففتش في سجلاته، وعاد الخداع السياسي والدعايات الكاذبة، والعواطف المثيرة.

وإثارة العواطف والحرب الباردة يستعملها العدو دائماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>