[إرشاد الله لناقة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكان إقامته]
أشرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الأمر لما يُسخر الله إليه الناقة ليخرج من عهدة تحمل مسئولية مجاملة فريق على آخر، وهذا من الحكمة الإلهية.
وأيضاً مما يشعر بأن الله سبحانه يجعل عند للحيوانات إدراكاً، ما جاء في الموطأ في باب فضل يوم الجمعة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وما من دابة إلا وتصيخ بسمعها من فجر يوم الجمعة إلى غروب الشمس، فرقاً من الساعة)، فالحيوانات تعرف أن الساعة تقوم يوم الجمعة وتصغي بسمعها للنفخة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وما جاء في نص القرآن الكريم من خبر الهدهد وما رأى عليه بلقيس وأصحابها، وجاء مستنكراً أنهم يسجدون للشمس والقمر ولا يسجدون لله.
أيضاً في مقالة النملة:{ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}[النمل:١٨].
وهذه أمور يثبتها القرآن الكريم.
إذاً: لا مانع من أن الله سبحانه يهدي الناقة إلى المكان الذي يريد الله أن يكون مقراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن يكون على رسول الله لوم ولا مسئولية في أن يقدم فريقاً على فريق.
وكان الأوس والخزرج كفرسي رهان عند رسول الله، إذا فعل الأوس مكرمة بادر الخزرج إلى أن يفعلوا مكرمة مثلها، ولما جاءت الناقة نزلت في حلة بني النجار وكان أعز حي في أحياء المدينة فبادر الناس هناك لرسول الله: في بيتي، عندي يا رسول الله، هلم إلى بيتي، وهو ينتظر ساكتاً، ثم التفت إلى ناقته ورحله فوجد الناقة بدون رحل، فقال:(أين رحلي؟ قالوا: احتمله أبو أيوب إلى بيته، فقال: المرء مع رحله) فتكون المشكلة قد انتهت، ولا أحد يستطيع أن يقول: لماذا اخترت أبا أيوب؟